وكانت باكورة الدسائس الخطيرة التي قام بها معاوية فى إفساده « المقدمة » ، انه بعث الجواسيس ، ونشر العيون ليذيعون الذعر والإرهاب ويقومون بخذلان الجيش ، وكانت دعايتهم ذات طابع واحد وهي :
« إن الحسن يكاتب معاوية على الصلح فلم تقتلون أنفسكم؟. » (١)
وتركت هذه الموجة من الافتراء اضطرابا فظيعا ، وخوفا بالغا فى النفوس ، وأحدثت تمردا شاملا في جميع الوحدات العسكرية.
ولم يقتصر معاوية في عمليات التخريب على ذلك ، فقد صنع ما هو أفتك منها وهو شراؤه الضمائر الرخيصة من قادة الجيش وزعمائه المقيمين في « مسكن » فقد بذل لهم أموالا ضخمة ، ومناهم بالوظائف والمراتب ، فأجابوه الى ذلك ، وتسللوا إليه ، والتحقوا بمعسكره في غلس الليل وفى وضح النهار ، وكتب عبيد الله أنباءهم بالتفصيل الى الإمام الحسن «ع» (٢)
ولما رأى معاوية ان عملية الرشوة قد نجح بها الى حد كبير راح يعمل بنشاط فى اغرائه لذوي الضمائر القلقة ، والنفوس المريضة ، فمدّ أسلاك مكره الى عبيد الله بن العباس ، فجذبه إليه ، وصار العوبة بيده ، وقد خان
__________________
(١) شرح ابن أبي الحديد ٤ / ٢١٥.
(٢) شرح ابن أبي الحديد ٤ / ٢٨.