آخرين ، احدهما : حق الحضانة والارضاع الذي للزوجة وما اشبهه فلا يحق للزوج ان يحول بين الوالدة وولدها بمنعها عن حضانته أو رؤيته أو ما أشبه ذلك فإِن ذلك مضارة وحرج عليها ، وثانيهما : نفي مضارة الزوجة للزوج بولده بأن تمنعه عن الرؤية ونحو ذلك ، وذلك قوله تعالى : لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده ، والنكتة في وضع الظاهر موضع الضمير أعني في قوله : بولده دون ان يقول به رفع التناقض المتوهم ، فإِنه لو قيل : ولا مولود له به رجع الضمير الى قوله ولدها وكان ظاهر المعنى : ولا مولود له بولد المرأة فأوهم التناقض لان إِسناد الولادة الى الرجل يناقض إِسنادها إِلى المرأة ، ففي الجملة مراعاة لحكم التشريع والتكوين معا أي إِن الولد لهما معاً تكويناً فهو ولده وولدها ، وله فحسب تشريعاً لانه مولود له .
قوله تعالى : وعلى الوارث مثل ذلك ، ظاهر الآية : ان الذي جعل على الوالد من الكسوة والنفقة فهو مجعول على وارثه إِن مات ، وقد قيل في معنى الآية أشياء أُخر لا يوافق ظاهرها ، وقد تركنا ذكرها لانها بالبحث الفقهي أمس فلتطلب من هناك ، والذي ذكرناه هو الموافق لمذهب أئمة أهل البيت فيما نقل عنهم من الاخبار ، وهو الموافق أيضاً لظاهر الآية .
قوله تعالى : فإِن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور الى آخر الآية ، الفصال : الفطام ، والتشاور : الاجتماع على المشورة ، والكلام تفريع على الحق المجعول للزوجة ونفي الحرج عن البين ، فالحضانة والرضاع ليس واجباً عليها غير قابل التغيير ، بل هو حق يمكنها أن تتركه .
فمن الجائز ان يتراضيا بالتشاور على فصال الولد من غير جناح عليهما ولا بأس ، وكذا من الجائز ان يسترضع الزوج لولده من غير الزوجة الوالدة إِذا ردت الولد اليه بالامتناع عن ارضاعه ، او لعلة أُخرى من انقطاع لبن او مرض ونحوه إِذا سلم لها ما تستحقها تسليماً بالمعروف بحيث لا يزاحم في جميع ذلك حقها ، وهو قوله تعالى : وإِن أردتم أن تسترضعوا اولادكم فلا جناح عليكم إِذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف .
قوله
تعالى : واتقوا الله واعلموا ان الله بما
تعملون بصير ، أمر بالتقوى وان
( ٢ ـ الميزان ـ ١٦ )