من اشرق وجهه بسجال (١) عطيتك ، واقرب الانبياء زلفة يوم القيامة عندك ، وأوفرهم حظا من رضوانك ، وأكثر هم صفوف امة في جنانك ، كما لم يسجد للاحجار ولم يعتكف للاشجار ، ولم يستحل السباء (٢) ، ولم يشرب الدماء ، اللهم خرجنا اليك حين فاجأتنا المضائق الوعرة ، والجأتنا المحابس العسرة وعضتنا علائق الشين ، تأثلت (٣) علينا لواحق المين ، واعتكرت علينا حدابير (٤) السنين ، واخلقتنا مخائل الجود ، واستظمأنا لصوارخ القود ، (٥) فكنت رجاء المبتئس والثقة للملتمس ، ندعوك حين قنط الامام ومنع الغمام وهلك السوام ، يا حي يا قيوم عدد الشجر والنجوم والملائكة الصفوف والعنان المكفوف (٦) وان لا تردنا خائبين ولا تؤاخذنا باعمالنا ولا تحاصنا بذنوبنا وانشر علينا رحمتك بالسحاب المنساق والنبات المونق وامنن على عبادك بتنويع الثمرة وأحيي بلادك ببلوغ الزهرة واشهد ملائكتك الكرام السفرة سقيا منك نافعة دائمة غزرها واسعا درها سحابا وابلا سريعا عاجلا ، تحيي به ما قد مات وترد به ما قد فات وتخرج به ما هو آت ، اللهم اسقنا غيثا ممرعا طبقا مجلجلا (٧) متتابعا خفوقه (٨) منبجسة بروقه مرتجسه هموعه (٩) وسيبه مستدر وصوبه
__________________
(١) السجال : جمع سجل كفلس الدلو العظيمة إذا كان فيها ماء قل أو كثر وهو مأخوذ هنا على نحو الاستعارة.
(٢) السباء : بالكسر والمد الخمر.
(٣) التأثل : مأخوذ من تأثل الشئ إذا تأصل وتعظم واجتمع.
(٤) الحدابير : جمع حدبار بالكسر وهي النقة الضامرة التي بدا عظم ظهرها من الهزال وفي المقام تشبيه السنين المجدبة المقحطة بها.
(٥) القود : بالفتح فالسكون الخيل.
(٦) المكفوف : أي السحاب الممنوع من المطر.
(٧) المجلجل : من الجلجلة وهي شدة الصوت واسم لصوت الرعد.
(٨) الخفوق : هو الاضطراب.
(٩) الهموع : بالضم السيلان.