فجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه » (١).
فيبدأ الانقلاب بالفكر ثم العاطفة ثم السلوك ، فيعود الإنسان والمجتمع إلى حياة الاوهام والخرافات ، ويعيش أواصر الضلال والظلمات ، ثم تنقلب عاطفته فيوالي من أمره اللّه تعالى بالتبري منهم ، وفي السلوك حيث يعيش الانحراف والانحطاط والرذيلة.
قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « كيف بكم إذا فسدت نساؤكم ، وفسق شبابكم ، ولم يأمروا بمعروفٍ ولم ينهوا عن منكر » ، فقيل له : ويكون ذلك يا رسول اللّه؟ ، فقال : « نعم ، وشرُّ من ذلك ، فكيف بكم إذا آتيتم المنكر ونهيتم عن المعروف؟ » ، فقيل له : يا رسول اللّه ويكون ذلك ، فقال : « نعم ، وشرُّ من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا ، والمنكر معروفا (٢) ».
فتنقلب المفاهيم والقيم والموازين ، ويكون هذا الانقلاب هو الحاكم على تقييم الاحداث والمواقف والوجودات ، وتقوم الحياة على أساسه ، فلا يبقى مأمن من اضطراب الأهواء واختلاف الامزجة ، وتصادم المصالح والمنافع.
خامسا : سيطرة الأشرار على مقاليد الاُمور :
التخلي عن أداء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، يؤدي إلى ازدياد عدد المنحرفين والأشرار ، وانحسار عدد الصالحين والاخيار ، ويؤدي إلى خلق الظروف الملائمة لتمادي المنحرفين والاشرار في انحرافهم وشرّهم إثر غياب الرادع لهم ، والمتابع عليهم زلاتهم وفسادهم ، حيث يأمنون من
__________________
١) نهج البلاغة : ٥٤٢ ، الحكمة : ٣٧٥.
٢) مشكاة الأنوار : ٤٩.