وفي هذه الحالة فإنّ الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر سيكون مخيّرا بين الاستمرار في اداء مسؤوليته ، وبين تركها إلى أن تحين الفرص المناسبة لها.
ويمكن تحديد شروط ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالنقاط التالية :
أولاً : تجذّر الانحراف : إذا تجذّر الانحراف وأصبح جزءا من كيان الإنسان ، ويئس المكلّف من اصلاحه وتغييره ، فيجوز له ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ لانّه لا يغيّر من الواقع شيئا ، بل قد يؤدي إلى نتائج سلبية على المكلّف نفسه.
قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ائتمروا بالمعروف ، وتناهوا عن المنكر ، حتى اذا رأيت شُحّا مطاعا ، وهوىً مُتّبعا ، ودنيا مؤثرة ، واعجاب كلّ ذي رأي برأيه ، ورأيت أمرا لا يدان لك به ، فعليك خويصة نفسك ، فإنّ من ورائكم أيام الصبر. الصبر فيهنَّ على مثل قبض على الجمر. للعامل فيهنَّ مثل أجر خمسين رجلاً يعملون بمثل عمله » (١).
ثانيا : انحراف الأكابر : من طبيعة النفس البشرية أنّها تذعن وتخضع للأكابر والمتنفذين وتقتبس المفاهيم والقيم من الشخصيات البارزة في المجتمع ، والمؤثرة فيه ؛ لامتلاكها خصائص التأثير الذاتية والعملية ، كالملوك والعلماء ورؤساء القبائل والوجودات الاجتماعية ، فإذا انحرف هؤلاء انحرف المجتمع ، وهذه حقيقة ثابتة في جميع المجتمعات.
__________________
١) سنن ابن ماجة ٢ : ١٣٣١ / ٤٠١٤.