المنكر على العالم بهما ، الذي يعرف مصاديقهما ومواردهما ، وقادر على التشخيص والتمييز بين الأقوال والافعال والممارسات السلوكية ، ويتناسب الوجوب مع درجة العلم والاطلاع ، فوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون آكدا على الفقيه ثم المتفقه في الدين.
سُئل الإمام جعفر الصادق عليهالسلام عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أواجب هو على الاُمّة جميعا؟ فقال : « لا ، فقيل له : ولِمَ؟ قال : إنّما هو على القوي المطاع ، العالم بالمعروف من المنكر ، لا على الضعيف الذي لا يهتدي سبيلاً إلى أي من أي يقول من الحق إلى الباطل ، والدليل على ذلك كتاب اللّه عزَّ وجلَّ قوله : « وَلتكُن مِّنكُم أُمّةٌ يَدعُونَ إلى الخَيرِ ويأمُرُونَ بالمعرُوفِ وَيَنهونَ عَنِ المُنكَرِ » (١) ، فهذا خاص غير عام ».
كما قال اللّه عزَّ وجلَّ : « وَمِن قَومِ مُوسى أُمّةٌ يَهدُونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعدِلُونَ » (٢) ، ولم يقل : على أُمّة موسى ولا على كل قومه ، وهم يومئذٍ أمم مختلفة ... (٣).
ثانيا : القدرة على التأثير : يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على من له القدرة على التأثير، بان يكون قوي النفس قوي الارادة ، قويّ البيان ، له اطلاع كامل على مستويات الناس وطاقاتهم العقلية والنفسية ، ويستطيع الصمود أمام العقبات والتعقيدات التي تواجهه ، وله قوة في شخصيته يستطيع من خلالها التأثير على الآخرين ، بالقول والفعل ،
__________________
١) سورة آل عمران : ٣ / ١٠٤.
٢) سورة الأعراف : ٧ / ١٥٨.
٣) الكافي ٥ : ٥٩ ـ ٦٠.