ومن هنا يكون الوجوب مختصا بمن يقطع أو يحتمل تأثير أمره ونهيه على المقابل.
قال الإمام جعفر الصادق عليهالسلام : « إنّما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتّعظ أو جاهل فيتعلم ، وأمّا صاحب سوط أو سيف فلا » (١).
فإذا وجد المكلّف مؤمنا أو جاهلاً يبحث عن الحقيقة فيجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أمّا المكابر الذي لا يروم الاستقامة في العقيدة والسلوك ، فلا يجب على المكلّف ان يأمره وينهاه ، ما دام غالقا لمنافذ الهداية في فكره وعاطفته وسلوكه.
وسُئل رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم عن حديث : « إنّ أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمامٍ جائر » ما معناه؟ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « هذا على أن يأمره بعد معرفته وهو مع ذلك يقبل منه وإلاّ فلا » (٢).
وقد قامت سيرة المعصومين عليهمالسلام على هذه القاعدة ، فأمير المؤمنين عليهالسلام أكثر من نصحه لعثمان بن عفان ، وكان يأمره بالمعروف وينهاه عن الممارسات التي يمارسها مع المسلمين خلافا لسُنّة رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كتعيينه الولاة الجائرين والفاسقين ، وكان يحذّره من مروان وأمثاله ، ولكنّه حينما يئس من اصلاح وتغيير ممارساته قال له : « ما أنا عائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك » (٣).
رابعا : الأمن من الضرر : إنّ مهمة الدعوة الإسلامية المتجسدة بالأمر
__________________
١) الكافي ٥ : ٦٠.
٢) الكافي ٥ : ٦٠.
٣) الكامل في التاريخ ٣ : ١٦٥ ـ ١٦٦.