بالمعروف والنهي عن المنكر دعوة شاقة تواجه اصنافا من الناس يختلفون في الاستجابة ، فمنهم من يتفاعل معها ليغيّر مفاهيمه وقيمه وممارساته في ضوء ما يؤمر به ويُنهى عنه ، ومنهم من تصدّه شهواته ونوازعه عنها ، فيعرض عنها معاندا لا ينفتح قلبه لدلائل الهدى ، مصرا على انحرافه الفكري والعقائدي يقابل الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بسخرية واستهزاء أو بالاعراض وعدم الاستماع.
ومنهم من يترقى به العناد والغرور والكبرياء إلى المواجهة العنيفة ، ويعمل على الحاق الاذى بالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ، وقد يصل الاذى إلى مرحلة الجرح أو التعويق أو القتل ، ففي مثل هذه الحالة فان الإنسان يسقط عنه وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ لأنّه مشروط بالأمن من الضرر سواء على نفسه أو على غيره.
قال الامام الصادق عليهالسلام : « والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على من أمكنه ذلك ، ولم يخف على نفسه ولا على أصحابه » (١).
وكتب الامام علي بن موسى الرضا عليهالسلام للمأمون حينما سأله أن يكتب له محض الإسلام : « ... والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان اذا امكن ، ولم يكن خيفة على النفس ... » (٢).
والضرر المقصود يحدّد من قبل المكلّف نفسه بعد تشخيصه للمصلحة والمفسدة المترتبة على قيامه بالتكليف أو عدمه ، فيقدّم أهون الضررين.
__________________
١) الخصال ٢ : ٦٠٩.
٢) عيون أخبار الرضا ٢ : ١٢١ ، ١٢٥.