الثانية : بالنسبة للدعوى الثانية والقول بالتفصيل الصحيح هو المنع عن جريان قاعدة الاشتغال اليقيني في الشبهات الموضوعية حتى في مثل ( أكرم العالم ) ؛ لأنّ خصوصية كون المكرم عالماً قيد للوجوب أيضاً لا للواجب فحسب ، فيجب اكرام زيد إذا كان عالماً وعمرو إذا كان عالماً. وقيود الوجوب لا تدخل في العهدة لتجري قاعدة الاشتغال عند الشك فيها كما هو محقّق في محلّه.
وإن شئت قلت : ما يدخل في العهدة إنّما هو متعلّق الأمر والوجوب ، وهو وجوب اكرام زيد إذا كان عالماً ووجوب اكرام عمرو إذا كان عالماً ، فتعلق الاكرام وتقيده بكون المكرم عالماً ليس تحت الأمر ، وإنّما هو شرط في تعلّق الوجوب بذات تلك الحصة والفرد ، فيكون نظير ما إذا علم بوجوب اكرام زيد أو عمرو بنحو القضية الخارجية حيث لا إشكال في جريان البراءة حينئذٍ عن كل من الطرفين بخصوصيته.
نعم ، لو كان الواجب بدلياً كما إذا قال : ( أكرم عالماً ) كان متعلّق الأمر ولا وجوب صرف وجود اكرام العالم ، فتشتغل الذمة به يقيناً ، فيجب الفراغ عنه. ففرق بين الواجب البدلي بنحو صرف الوجود والواجب الانحلالي بنحو مطلق الوجود ، حيث يكون لكلّ فرد خارجي وجوب يخصّه ولكنه مشروط بكون ذاك الفرد عالماً بنحو لا يدخل تقيد الاكرام بقيد العلم في العهدة.
هذا مضافاً إلى أنّ لازم هذا التفصيل أن لا تجري في هذا القسم من الشبهات الموضوعية البراءة الشرعية أيضاً في أحد الطرفين إذا فرض انحلال العلم الإجمالي المذكور بالعلم التفصيلي بوجوب اكرام أحد الطرفين على كلّ حال ،