وثالثاً ـ لو فرضنا معقولية ذلك فاما أن يفرض انّ هذه المصلحة في الجعل أيضاً ترجع إلى المكلّف ويتدارك بها مصلحة الواقع الفائت في حقّه فهذا رجوع إلى التصويب ، وإلاّ كان التفويت القبيح حاصلاً والمحذور الملاكي بكلا تقريبيه باقياً على حاله.
٦ ـ ما أجاب به المحقق العراقي في المقام على كلا التقريرين للمحذور الملاكي وهو يتألف من ثلاث مقدمات :
الاولى : انّ الارادة التشريعية إذا تعلقت بشيء فلا محالة يترشح منها ارادة وشوق نحو مقدماتها بحيث تقتضي حفظ وجود المراد من ناحيتها ، إلاّ أنّ المقدمات على قسمين : قسم يكون مقدمة لذات المراد في نفسه بنحو تكون مقدميتها محفوظة بقطع النظر عن تعلّق الارادة والأمر بذلك الفعل من قبيل طي المسافة للحج ، وقسم يكون مقدمات اختيارية في طول تعلق الارادة والخطاب بذلك الفعل ، وهذا بعضه يرجع إلى المولى كجعل الخطاب وتشريعه لكي يصل إلى المكلف فيتحرك ، وهذا في طول وجود أصل الشوق والارادة التشريعية المتعلقة بذات الفعل وبعضه يرجع إلى العبد كارادته للامتثال الذي هو في طول ثبوت الخطاب وفعليته بفعلية موضوعه ، والقسم الثاني بكلا نوعيه لا يمكن أن يكون محفوظاً من قبل نفس الارادة التشريعية لكونه في طولها بل يحتاج إلى ارادة اخرى مستقلة تتعلق بها.
الثانية : انّ ما هو مفاد الخطاب الواقعي ومدلوله إنّما هو ثبوت الارادة التشريعية والشوق المتعلق بذات الفعل والمقتضي لحفظه بحفظ مقدماته من القسم الأوّل ، وامّا حفظه من ناحية المقدمات الطولية فهو خارج عن اقتضاءات