إذ معنى حجّية الإطلاق ما لم يحرز المخصّص الحجة انّ الإطلاق يجري عند الشك في حجّية المخصّص ، وهذا نظير البراءة الطولية ، فحجية الإطلاق ليست مقيدة بعدم حجّية المخصّص واقعاً بل بعدم العلم بحجيته الذي يرجع بالتحليل وبالدقة إلى حجيته أيضاً في فرض الشك في الحكم الظاهري بحجية المخصّص ، وهذه الحجّية طولية وغير متنافية مع ثبوت حجّية الخبر المخصّص واقعاً ، ونفس الشيء يقال في موارد الشبهة الموضوعية للحكم الظاهري كما إذا شك في وثاقة الراوي الناقل للمخصص أو للحكم الالزامي على خلاف البراءة.
الوجه الثاني والثالث : فكّك بينهما السيد الشهيد مع انّه وجه واحد في كلمات الشيخ والميرزا ، وذلك باعتبار انّ الأدلّة الناهية بعضها ناظرة إلى مرحلة العمل والاستناد كالآية : ( إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ) (١) وهي تصح للارشاد إلى نفي الحجّية ابتداءً. وبعضها تنهى عن الاسناد والقول بلا علم من قبيل : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (٢) ، « رجل قضى بالحق وهو لا يعلم » ومفادها الحرمة الذاتية لنفس القول والاسناد بلا علم وهي غير عدم الحجّية ، فلابد من ضم دعوى الملازمة بين الحجّية وجواز الاسناد ولو عرفاً ، ولابد أن تكون الملازمة بنحو التساوي لا اللزوم الأخص كما هو كذلك حتى بناءً على جعل الطريقية لكون جواز الاسناد لازم لأحد ألسنة الحجّية ، وهو جعل الطريقية فقط.
هذا إلاّ أنّ الصحيح أنّ هذه الأدلّة أيضاً كالأدلّة السابقة ناظرة إلى اثبات
__________________
(١) سورة النجم : ٢٨.
(٢) سورة الاسراء : ٣٦.