ذاك الإخبار ليس كذباً بل صدق فهذا الإخبار الثالث الناشيء من هذا الشمول يكون كاذباً ، وحيث انّه إخبار أيضاً فيقع موضوعاً جديداً لمحمول القضية الحقيقية أيضاً فتتشكل نسبة خبرية جديدة بين المحمول في القضية الحقيقية وهذا الكذب وبين هذا الإخبار وحكم عليه بأنّه كاذب وهو نسبة خبرية رابعة صادقة وهكذا.
ولو فرضنا صدق القضية الاولى فحيث انها حقيقية فتشمل نفسها وحيث انها ليست كاذبة بحسب الفرض فيكون اطلاقها وشمولها لنفسها والإخبار عن كذب نفسها اخباراً ثانياً كاذباً ، وهذا الإخبار أيضاً خبر اغريقي فيكون مشمولاً لمحمول القضية الحقيقية فيكون هناك اخبار ثالث عن كذب الإخبار الثاني وهو إخبار صادق ، وحيث انّه اخبار فيكون مشمولاً لموضوع القضية الحقيقية أيضاً فيكون قد أخبر أيضاً عن كذبه وحيث انّه صدق فيكون هذا الإخبار الرابع كاذباً وهكذا إلى ما لا نهاية حسب المقدار الذي نلاحظ فيه هذه الانطباقات النفس الآمرية الاعتبارية ولا محذور في التسلسل في ذلك ، بل لا محذور في التسلسل في سلسلة المعلولات حتى في الوجودات العينية فضلاً عن الاعتبارية ـ المعقولات الثانوية ـ.
بل يمكن أن يقال : انّ هذه الإخبارات تحليلية وبلحاظ مرحلة مدلول القضية بالحمل الأولي وهو صدق النسبة الخبرية ، وحيث انّ النسبة الخبرية تصورية وذهنية لا واقعية فلا تسلسل ، وإنّما يمتد ذلك بمقدار الملاحظة الذهنية للنسبة ولأنّ الصدق والكذب صفتان للنسبة الذهنية لا النسبة الواقعية فإنّها لا تتصف بالصدق والكذب والنسبة الذهنية تدور مدار مقدار التصور الذهني لتلك النسبة فلا موضوع للتسلسل أصلاً.