نستكشف منه وجود الارتكاز المتلقى عن المعصوم لدى المجمعين قد يحتاج إلى مقدمات واعمال نكات ليس كلها حسياً ومفهوماً بلا نظر وتأمل وفحص للمسألة ونفي احتمال المدركية ونحو ذلك فأصالة الحس في نقل المسبب إنّما يجري إذا فرض أنّ الناقل ينقل ابتداءً السيرة على الحكم أو الارتكاز المتلقى من المعصوم ابتداءً واحتملنا بلوغه مرتبة الحسّية ، ولعلّ هذا حاق مقصود السيد الشهيد قدسسره.
ومن مجموع ما ذكرناه ظهر انّ ما ذكره في مصباح الاصول من عدم احتمال حسية النقل لقول المعصوم ولو بالواسطة من خلال كشفه من اجماع المجمعين ليكون اخباره حجة من باب الشهادة ولو فرض احتماله فهو بحكم الرواية المرسلة لا يمكن التعويل عليه مما لا يمكن المساعدة عليه. فإنّه لو فرض ظهور كلام الناقل للإجماع في مركوزية ومسلّمية الحكم المجمع عليه وتلقيه عن المعصومين كان حجة لا محالة ؛ لأنّ مثل هذا محتمل في المورد الذي لا يكون فيه مدرك آخر للحكم ويكون حصول القطع الحاصل منه قريباً من الحس ويكون شهادة بالموقف الشرعي المتلقّى عن المعصوم ونظره والمسلَّم بين أصحابه تماماً ، نظير توثيق الرواة المتقدمين على عصر النجاشي والشيخ والذي لا يحتمل كونه عن حس بالمباشرة وإنّما يحتمل في حقهم الاطلاع على وثاقتهم من خلال التلقي بالتواتر والتسالم من السابقين وهو يفيد العلم نوعاً لكل انسان سليم العقل فيكون قريباً من الحس ، وكما في وجود مدينة أو جبل لم يسافر إليه الإنسان في حياته أصلاً ولكنه قد تواتر النقل عن وجوده من قبل المسافرين إليه ، كما انّه ليس المقصود نقل وجود رواية عن المعصوم ليقال بأنّه كالخبر المرسل بل المقصود نقل تلقي الحكم الشرعي وهذا واضح.