بل هذا البحث أصله لا موجب له ؛ لأنّ الثابت في محلّه في بحث الاستقراء ، أنّ القضايا الحسّية ، أي المحسوسات الخارجية أيضاً يكون التصديق بها على أساس منطق الاستقراء لا البرهان ، فالخبر الحسّي للسبب لا يراد منه إلاّ ما يكون العلم به قائماً على أساس هذا المنطق لا البرهان والقضايا الحقيقية ، وهذا واضح.
ومن ذلك يظهر انّ ما ذكره السيد الشهيد قدسسره في ذيل المقام من انّه لو عدل الناقل عن نقله للسبب إلى نقل المسبب ابتداءً لم يجد شيئاً ؛ لأنّ اخباره عن السبب وهو قول المعصول ليس حسياً بل حدسي وإنّما الحسي نقله للسبب قابل للمناقشة فإنّ هذا إنّما يتم إذا كانت السببية حدسية ثابتة بالبرهان أو باجراء حسابات الاحتمال بنحو لا يكون مورثاً للقطع واليقين لكل انسان وإنّما يحصل لدى المنقول إليه اتفاقاً ، وامّا إذا كان ينقل ما يكشف عن قول المعصوم أو السيرة المتشرعية والارتكاز المتلقى عن المعصوم عند عامة الناس كان نقل المسبب حجة أيضاً ؛ لأنّه نقل حسي أو قريب من الحسّ.
وإن شئت قلت : بناءً على المنهج المتقدم في كاشفية الإجماع والتواتر يكون الإخبار عن القضية المتواترة أو الحكم الشرعي المجمع عليه إخباراً عن أمر حسي أو قريب منه لأنّ القطع الحاصل من التواتر ونحوه من الأدلّة الاستقرائية ليس قطعاً حدسياً بل حسي أو قريب منه كالقطع الحاصل بالسبب نفسه ، وهذا في التواتر أوضح منه في الإجماع ، ولهذا يصح الإخبار عن القضية المتواترة ابتداءً.
نعم ، يمكن دعوى انّ اجراء حساب الاحتمالات وتجميع القرائن بنحو