انّ كل ما يقع من التواترات أو الاجماعات في هذا العالم ملازمة مع الصدق ، وهذه القضية الشرطية كافية لتشكل الدلالة الالتزامية المطلوبة ، فإنّه إذا فرضنا انّ المعصوم من باب علمه بالغيب والمستقبل أخبرنا بأنّه كلما جاءك زيد جاءك عمر بنحو القضية الخارجية لا بنحو استحالة أن لا يأتي عمر فقامت بينة على انّه قد جاء زيد لا محالة تتشكل دلالة التزامية على انّه قد جاء عمر وتكون هذه الدلالة الالتزامية حجة ؛ لأنّ نفس درجة الكشف الثابتة بلحاظ المدلول المطابقي ونكتتها المنطقيّة بنفسها ثابتة بلحاظ المدلول الالتزامي أيضاً.
وهذا محفوظ في المقام فإنّه مع ثبوت التصديق بالقضية الكلية القائلة بأنّ الصدفة لا تقع ولو في عالمنا الخارجي فكلما أخبر الثقة عن تحقق التواتر أو الإجماع على شيء كان كاشفاً بنفس تلك الدرجة من الظن والتصديق عن صدق القضية المخبر بها لكونها مدلولاً التزامياً منطقياً لا محالة فإنّ الدلالة الالتزامية فرع صدق القضية الشرطية الكلية بنحو تكون شاملاً لما أخبر به المخبر على تقدير صدقه ، والمفروض ثبوت هذه القضية الكلية في المقام بعد فرض إمكان اثبات كبرى نفي الصدفة بنحو كلي بالاستقراء ، وهذا يعني أنّه لا فرق بين منهجنا ومنهج المنطق الارسطي في ثبوت التصديق بالقضية الكلية بأنّ الصدفة لا تكون بنحو يشمل تمام ما يقع في عالمنا من الاستقراءات والتواترات وإنّما الفرق بين المسلكين في انّ المنطق الارسطي يدعي ذلك على أساس التصديق بقضيّة اخرى عقلية أولية هي استحالة وقوع الصدفة فتكون القضية الكلية حقيقية ، وبلحاظ كل العوالم بينما المنهج الاستقرائي يرى حصول التصديق بالقضية المذكورة الكلية في عالمنا على أساس حسابات الاحتمال التي تجري لاثبات نفس القضية الكلية المذكورة فتكون القضية كلية بمقدار عالمنا.