يستلزم الدور فلما تقدم من انّ توقف كل من الحجتين على عدم الآخر بالفعل دور محال وامّا انّه غير معقول في نفسه فلأنّ السيرة كما تقدم علم وجداني واستكشاف للامضاء من معلوله وهو وجود السيرة وعدم الردع الحجة عنها.
ومن الواضح انّ ما هو معلول الامضاء عدم الردع الحجة في نفسه لا عدم الردع الحجة الثابت هذا العدم للحجية نتيجة العلم بالامضاء وفي طوله إذ المعلول معلول لذات العلة لا للعلم بها كما هو واضح.
وهكذا يتعين أن تكون حجّية العمومات متوقفة على عدم الحجّية الوجدانية للسيرة بالفعل ، وامّا حجّية السيرة فمتوقفة على عدم حجّية العمومات نفسها والنتيجة ثبوت الرادعية دون المخصصية.
ولو اكتفينا في الرادعية بذات الدلالة الرادعة أي اكتفينا باحتمال صدور الرادع أو احتمال حجّيته ولو لم يكن حجة بالفعل فالمسألة أوضح حيث تكون الرادعية فعلية وغير متوقفة على عدم المخصصية وعدم الحجّية للسيرة بخلاف العكس وهذا واضح.
ص ٤٠٢ قوله : ( ثالثاً إذا كانت المخصّصية ... ).
حاصله : انّ الردع إذا توقف على عدم التخصيص توقف عدم العلم به على عدم العلم بعدم التخصيص لأنّ انتفاء العلم بالمعلول متوقف على انتفاء العلم بعلته. وحيث انّ حجّية السيرة وبالتالي مخصصيتها متوقفة على عدم العلم بالردع فتتوقف مخصصية السيرة على عدم العلم بعدم التخصيص أي على الجامع بين احتمال التخصيص أو العلم بالتخصيص ، ولا يمكن أن يكون ثبوت شيء متوقفاً على العلم به أو الشك فيه.