أتيتك أسألك عن علي بن أبي طالب ، وقتاله وقتله أهل لا إله إلا الله لم يكفروا بصلاة ولا بصيام ولا بزكاة ولا حج. فقال ابن عباس : يا شامي سل عمّا يعنيك؟ قال : إني لم آتك أضرب (١) من حمص (٢) لحج ولا لعمرة ، ولا جئت إلا أن أسألك عمّا سألتك عنه ، ولتشرحه لي. فقال له ابن عباس : إن علم العالم صعب لا يحتمل ولا تقربه اكثر القلوب ، إن مثل علي فيكم كمثل العالم وموسى عليهمالسلام. قال الله عز وجل لموسى : « يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ » (٣) وقال : « وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ » (٤). وكان موسى عليهالسلام يرى أن الأشياء كلها أثبتت له في الألواح ، كما ترون أنتم أن علماءكم قد أثبتوا لكم الأشياء كلها ، وإنّما قال الله عز وجل أنه كتب لموسى عليهالسلام من كل شيء ولم يقل أنه كتب له فيها كل شيء. فلما أتى موسى الساحل ولقى العالم وكلّمه عرف فضله ولم يحسده على علمه كما حسدتم أنتم عليا عليهالسلام على علمه وفضله الذي جعله الله عز وجل له فرغب موسى إليه وأحبّ صحبته كما أخبر الله عز وجل بذلك عنه في كتابه فعلم أن موسى عليهالسلام لا يصبر على ما يكون منه ما لم ينته إليه علمه ، فتقدم في ذلك إليه ، وقال : « فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً » (٥) فخرق السفينة وكان خرفها لله سبحانه رضا وسخط بذلك موسى عليهالسلام وأنكره عليه ، وقتل الغلام وكان قتله لله
__________________
(١) ضرب يضرب ضربا ومضربا بفتح الراء أي سار ( مختار الصحاح ٣٧٨ ).
(٢) مدينة في سوريا.
( ٣ ـ ٤ ) الأعراف : ١٤٤ ـ ١٤٥.
(٥) الكهف : ٧٠.