فيقال لهم : ذلك لا يجهل ولا ينكر أن له فيه فضلا ، فأما أن يكون يساوي بذلك الفضل عليا عليهالسلام فضلا أن يفوقه فلا ، لأن الله عزّ وجلّ فرض على المؤمنين الجهاد في سبيله بأموالهم وأنفسهم.
فالمجاهد بنفسه وبما قدر عليه من ماله وإن قلّ أفضل من المجاهد بماله دون نفسه وإن كثر ، لأن بذل النفس والقليل من المال الذي لا يبقى باذله لنفسه غيره أفضل من بذل بعض المال ، والشح بالنفس. ولم يزل علي عليهالسلام مذ أسلم يبذل نفسه وما قدر عليه ووجده من المال في سبيل الله عزّ وجلّ ، وليس أبو بكر ولا غيره ممن يقاس به في ذلك ولا يدانيه فيه لأن بذل المال إذا ذهب قد يخلف وليس في ردّ النفس إذا ذهبت حيلة.
[ هجرته مع الرسول ]
وزعموا أن من فضائل أبي بكر هجرته مع رسول الله صلىاللهعليهوآله من مكة الى المدينة ، وصحبته إياه في هجرته هذه وحده دون سائر الناس غيره ، وفي ذلك فضل.
وفضل علي عليهالسلام في المقام أياما بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله لما استخلفه عليه ، وأقام له من الخلافة على أهله وقضاء ديونه وأداء ما كان عنده من الأمانات والودائع الى من كان ذلك له على حنق المشركين عليه لأنهم أرادوه ليلة خروجه ، فاضطجع لهم مضجعه ، وغيرهم بنفسه وستر عنهم أمره ولما يعلمون من محله منه ، فكانوا أشد الناس حنقا عليه ، لكن الله عزّ وجلّ حماه منهم ومنعه وصرف بأسهم عنه.
فكان مدة ما أقام علي صلوات الله عليه بمكة في خوف شديد وتهديد ووعيد ووحشة من فقد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وفقد ما جرت طباعه عليه من الأنس به والكون معه. وسار أبو بكر الى المدينة في حال أمن ودعة