وَأَشكُو إلَيْكَ مَسْكَنَتي ، وَفَاقَتي ، وَقَسْوَةَ قَلْبِي ، وَمَيْلَ نَفْسِي ، فَإنَّكَ قُلْتَ : « فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ » وَهَا أَنَا : قَدْ اسْتَجَرْتُ بِكَ ، وَقَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ مِسْكِينًا مُتِضَرِّعاً ، رَاجِياً ، لِمَا أُرِيدُ مِنَ الثَّوَابِ ، بِصِيَامِي وَصَلاتي ، وَقَدْ عَرَفْتُ حَاجَتي وَمَسكَنَتي ، إلى رَحْمَتِكَ وَالثَبَاتَ على هُدَاكَ ، وَقَدْ هَرَبْتُ إلَيْكَ هَرَبَ العَبْدَ السُّوءِ إلى المَوْلَى الكَرِيمِ.
يا مَوْلايَ ، وَتَقَرَّبْتُ إلَيْكَ ، فَأَسْأَلُكَ بِوِحْدَانِيَّتِكَ لَمَّا صَلَيَّتَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةً كَثِرَةً ، كَرِيمَةً ، شَرِيفَةً ، تُوجِبُ لي بِهَا شَفَاعَتَهُمْ ، وَالقِيَامَةَ عِنْدَكَ ، وَصَلَّيْتَ على مَلَائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ ، وَأَنْبِيَائِكَ المُرْسَلِينَ ، وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، لَمَّا غَفَرْتَ لي في هَذَا اليَوْمِ ، مَغْفِرَةً لا أشْقَى بَعْدَهَا أَبَداً ، إنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرُ ، وَصَلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَثِيراً ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ... » (١).
وحكى هذا الدعاء ، الشريف عن أنابة الامام عليهالسلام ، لله تعالى ، وإعتصامه به ، وقد تجاوز بذلك حدود الزمان والمكان.
لقد ودع الامام عليهالسلام ، بهذا الدعاء ، شهر رمضان المبارك ، وقد ألم بمدى تعظيمه ، وتقدسيه ، لهذا الشهر ، الذي هو شهر الطاعة ، وشهر التقوى وشهر الانابة إلى الله تعالى.
كان الامام الصادق عليهالسلام ، يودع شهر رمضان ، بهذا الدعاء ، وكان يقرأه في العشر الاواخر منه :
« أَعُوذُ بِجَلَالِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ ، أَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضَانَ ، أَوْ
__________________
١ ـ المصباح ( ص ٦٣٤ ـ ٦٤٠ ) البلد الامين ( ٥٢٢ ).