وأخيرا وبعد هذه الرحلات المتوالية والجد فى طلب العلم عاد ابن العربى ، عاد وفى جعبته العلم الكثير حتى قيل عنه :
لم يأت به أحد قبله ممن كانت له رحلة إلى المشرق وعلى الجملة فقد كان رحمهالله من أهل التفنن فى العلوم والاستبحار فيها ـ والجمع لها متقدما فى المعارف كلها ـ متكلما فى أنواعها ـ نافذا فى جمعها ـ وحريصا على ادائها ونشرها حتى قالوا عنه :
إنه أحد من بلغ مرتبة الاجتهاد ، واحد من انفرد بالاندلس بعلو الإسناد ويجمع إلى ذلك كله :
آداب الاخلاق ، مع حسن المعاشرة ، وكثرة الاحتمال ـ وكرم النفس وحسن العهد ، وثبات الود ، وغير ذلك من صفات العلماء العاملين الذين يألفون ويؤلفون رضى الله عنه وارضاه.
هذا هو ابن العربى ـ كما تصوره المصادر ـ حتى صار استاذا.
وكثر تلاميذ الاستاذ ابن العربى كثرة فائقة : رحلوا إليه وسمعوا منه وأخذوا عنه ـ ويكفى أن نذكر من تلاميذه : القاضى عياض الذى قال عن استاذه :
« واستقصى أبو بكر ببلده فنفع الله به أهلها لصرامته وشدته ونفوذ احكامه ، وكانت له فى الظالمين سورة مرهوبة ، يؤثر عنه فى قضائه احكام غريبة ، ثم صرف عن القضاء ، وأقبل على نشر العلم وبثه.
وكان نصيحا ادبيا شاعرا كثير الخبر ، مليح المجلس » وأخذ عنه أبو زيد السبيلى ـ وأحمد بن خلف الطلاعى ـ وعبد الرحمن بن ربيع الاشعرى والقاضى أبو الحسن الخلعى وغيرهم.
أما التصانيف التى تركتها المعية ابن العربى فهى من الكثرة والإفادة بمكان نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
احكام القرآن ـ وهو ما نحن بصدده
كتاب : المسالك فى شرح موطأ مالك.