كما شارك فى تحمل اعباء الجهاد فى عصره ـ حينما احتاج الأمر إلى مجهوده فيه ـ فكان كما قال ابن الآبار فى آخر دولة المرابطين كثير الخروج للغزو فى جيوشهم.
وقد استنتج الشيخ محمد الفاضل بن عاشور من ذلك أن من المرجح أن يكون تأليف تفسيره قبل هذا الدور الأخير من دولة المرابطين الذى هو الدور الأخير من حياة ابن عطية إذ كان تاريخ وفاته سنة ٥٤٢ ه عين تاريخ انتهاء دولة المرابطين بالأندلس ..
وقد استفاد ابن عطية فى تفسيره بالإضافة إلى تفسير الطبرى بنفيسه المهدوى المسمى : « التفصيل الجامع العلوم التنزيل » الذى قال عنه فى مقدمة تفسيره أنه متقن التأليف ، وانتقد اسلوبه فى عدم تتبع الالفاظ بأنه مفرق للنظر مشعب للفكر.
وكان ابن عطية فى تفسيره نابضا بالشباب ، فتيا بالعروبة ، فإن الشباب كما يقول الشيخ الفاضل بن عاشور افاده قريحة متقدة ونظرة حادة يتناول بهما موضوعه فى قوة وسرعة ومتانة المام فيأتى بيانه محبوكا منسجما ، والعروبة أفادته طبعا اصيلا وملكة صافية ففاض بيانه قويا هتانا سائغا سلسا.
ولذلك فلا بدع أن يتصف تفسير ابن عطية بأن « محرر » لا سيما وقد دفع الشبه وخلص الحقائق وحرر ما هو محتاج إلى التحرير.
وهو وجيز بالنسبة إلى بعض التفاسير التى سبقته ..
واليك نماذج من تفسير ابن عطية
عن قوله تعالى :
( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
( سورة الحديد الآية ٢٨ )