وأن الإمام الرازى بهذا الاعتراف الذى كان منه فى أواخر حياته يبين أن هذا الفيلسوف بعد أن طاف بمجالات الفكر فى جوانبها العميقة وفى زواياها المستفيضة رأى فى النهاية أن منهج الاتباع للقرآن وللسنة هو المنهج الذى يهدى الانسان الى الصراط المستقيم ، أما المتاهات التى سار فيها الفلاسفة والمتكلمون فإنها ليست بمنهج السلم الصادق. والقرآن نزل هداية للعقل ورسما للطريق الصواب ، وهو عصمة لمن اتبعه ، وهداية لمن استقام عليه.
وعاد الامام الرازى اذن بعد أن طوف ما طوف إلى القرآن الكريم متبعا ومستهديا ومسترشدا ، وقال كلمته المشهورة :
نهاية اقدام العقول عقال ...
تفسير الرازى « مفاتيح الغيب » ومنهجه فيه.
يقع هذا التفسير فى ثمانية مجلدات ضخمة مطبوعة ومتداولة بين أهل العلم حيث يحظى بين دارسى القرآن بالشهرة الواسعة نظرا لما يشتمل عليه من أبحاث فياضة تضم أنواعا شتى من مسائل العلوم المختلفة حتى قيل عنه أنه : جمع كل غريب وغريبة.
والناظر فى هذا التفسير الكبير يجد أمورا هامة تلفت النظر وتشد الانتباه منها :
١ ـ الاهتمام بذكر المناسبات بين سور القرآن وآياته وبعضها مع بعض حتى يوضح ما عليه القرآن من ترتيب على الحكمة « تنزيل من حكيم حميد ».
٢ ـ كثرة الاستطراد إلى العلوم الرياضية والفلسفية والطبيعة وغيرهما.
٣ ـ العرض لكثير من آراء الفلاسفة والمتكلمين بالرد والتفنيد فهو ـ على شاكلة أهل السنة ومن يعتقد معتقدهم ـ يقف دائما للمعتزلة بالمرصاد يفند آراءهم ويدحض حجتهم ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
٤ ـ والفخر الرازى فى تفسيره لا يكاد يمر بآية من آيات الأحكام إلا