يا ناظرا صور الخيال تعجبا |
|
وهو الخيال بعينه لو أبصرا |
فخجل أبو العباس ، وعزم فى نفسه أن يأخذ فى حياته مسلك الجد.
وأعظم حادث فى حياة أبى العباس هو صلته بأبى الحسن الشاذلى وعن بدء هذه الصلة يقول : فلما نزلت بتونس ، وكنت اتيت من « مرسية » ـ وأنا إذ ذاك شاب ـ سمعت بذكر الشيخ أبى الحسن الشاذلى ، فقال لى رجل :تمضى بنا إليه ، فقلت حتى استخير الله فنمت تلك الليلة ، فرأيت كأنى أصعد إلى رأس جبل ، فلما علوت فوقه ، رأيت هنالك رجلا ، عليه برنس أخضر ، وهو جالس ، وعن يمينه رجل ، وعن يساره رجل فنظرت إليه ، فقال :عثرت على خليفة الزمان ، قال : فانتبهت.
فلما كان بعد صلاة الصبح ، جاءنى الرجل الذى دعانى إلى زيارة الشيخ فسرت معه فلما دخلنا عليه ، رأيته بالصفة التى رأيته بها فوق الجبل ، فدهشت .. فقال لى : عثرت على خليفة الزمان ، ما اسمك؟ فذكرت له اسمى ، ونسبى ، فقال لى : ـ رفعت لى منذ عشر سنين ، وبهره أبو الحسن بهره بحديثه المنطلق ، والهاماته المندفعة وسلوكه الربانى ، فلازمه أبو العباس ملازمة المريد الصادق لشيخه العارف.
ورأى الشاذلى فيه فطرة طاهرة ، ونفسا خيرة ، واستعدادا طيبا ، للاقبال على الله : فمنحه وده ، وغمره بعنايته ، وأخذ فى تربيته تربية تؤهله ليكون خليفة من بعده.
وحدث فى تونس سوء التفاهم بين الشاذلى ، وقاضى القضاة ابن البراء ، هذا الخلاف الذى سبق ان فصلناه فى كتابنا عن « المدرسة الشاذلية » وكانت نتيجته ان غادر الشاذلى تونس ، ميمها شطر الديار المصرية ، ورافقه فى هذا السفر جماعة كان على رأسهم أبو العباس.