وهاك نموذجا من تفسيره :
( تِلْكَ الرُّسُلُ ) إشارة إلى الجماعة الذين من جملتهم النبى عليه الصلاة والسلام فاللام فى الرسل للاستغراق ( فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ) بأن خصصناه بمنقبة ليست لغيره ، وأعلم أن الأنبياء كلهم متساوون فى النبوة لأن النبوة شىء واحد لا تفاضل فيها وانما التفاضل باعتبار الدرجات بلغ بعضهم منصب الخلة كإبراهيم عليه الصلاة والسلام ولم يحصل ذلك لغيره ، وجمع لداود الملك والنبوة وطيب النعمة ولم يحصل هذا لغيره ، وسخر لسليمان الجن والانس والطير والريح ولم يحصل هذا لأبيه داود ، وخص محمدا عليه وعليهمالسلام بكونه مبعوثا إلى الجن والأنس ، ويكون شرعه ناسخا لجميع الشرائع المتقدمة ، ومنهم من دعا امته بالفعل إلى توحيد الأفعال وبالقوة إلى الصفات والذات ، ومنهم من دعا امته بالفعل إلى الصفات أيضا وبالقوة إلى الصفات والذات ، ومنهم من دعا بالفعل وهو إبراهيم عليهالسلام فانه قطب التوحيد اذ الأنبياء كانوا يدعون إلى المبدأ أو العماد وإلى الذات الأحدية الموصوفة ببعض الصفات الالهية الأحدية ولذا أمر الله نبينا صلىاللهعليهوسلم باتباعه بقوله ( ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً ) ( سورة النحل : ١٢٣ ) فهو من أتباع إبراهيم باعتبار الجمع دون التفصيل إذ لامتمم لتفاصيل الصفات إلا هو ولذلك لم يكن غيره خاتما فالانبياء وان كانوا متفاوتين فى درجات الدعوة بحسب مشارب الأمم إلا أن كلهم واصلون فانون فى الله باقون بالله لأن الولاية قبل النبوة حيث أن آخر درجات الولاية أول مقامات النبوة فهى تبنى على الولاية ومعنى الولاية الفناء فى الله والبقاء بالله فالنبى لا يكون إلا واصلا محرزا جميع مراتب التوحيد من الأفعال والصفات والذات ( مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ ) أى فضله الله بأن كلمه بغير واسطة وهو موسى عليه الصلاة والسلام فهو كليمه بمعنى مكالمه واختلفوا فى الكلام الذى سمعه موسى وغيره من الله تعالى هل هو الكلام القديم الازلى الذى ليس من جنس الحروف والاصوات قال ، الأشعرى وأتباعه المسموع هو