٤ ـ تفسير القرآن المسمى : فتح القدير الجامع بين فن الرواية والدراية من التفسير.
وعنوان هذا الكتاب يشرح الطريقة ، فهى ليست طريقة التفسير بالمأثور تقتصر على ايراد ما ورد فى الآية من الآثار كما فعل مثلا الامام السيوطى فى تفسيره الذى اقتصر فيه على ايراد ما ورد من الماثورات.
وليس تفسيرا يجعل كل همه العقليات كما فعل مثلا أبو مسلم الاصفهانى أو الفخر الرازى وأنما هو تفسير يجمع بين » الرواية والدراية » والرواية ، هى ايراد المأثورات والدراية هى ابداء الرأى الشخصى بعد الفهم والتأمل فى الآية وما روى عنها ، ونأتى الآن بنموذج منه.
يقول الله تعالى فى سورة الأنبياء ( إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ ، قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ ، قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ )
( سورة الأنبياء : ٥٢ ، ٥٣ ، ٥٤ )
وهكذا يجيب هؤلاء المقلدة من أهل الملة الاسلامية ، فان العالم بالكتاب والسنة إذا أنكر عليهم العمل بمحض الرأى المدفوع بالدليل. قالوا : هذا قد قال به امامنا الذى وجدنا آباءنا له مقلدين وبرأيه آخذين. وجوابهم هو ما أجاب به الخليل هاهنا ( قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم فى ضلال مبين ) أى فى خسران واضح لا يخفى على أحد ولا يلتبس على ذى عقل ، فإن قوم إبراهيم عبدوا الاصنام التى لا تضر ولا تنفع ولا تسمع ولا تبصر ، وليس بعد هذا الضلال ضلال ، ولا يساوى هذا الخسران خسران. وهؤلاء المقلدة من أهل الاسلام استبدلوا بكتاب الله ، وبسنة رسوله كتابا فدونت ـ اجتهادات عالم من علماء الاسلام ، زعم أنه لم يقف على دليل يخالفها ، أما لقصور منه ، أو لتقصير فى البحث ، فوجد ذلك الدليل من وجده ، وابرزه واضح المنار كأنه علم فى رأسه نار ، وقال : هذا كتاب الله أو هذه سنة رسول الله.