ان العلوم وان تباينت اصولها وغربت وشرقت فصولها ، واختلفت احوالها فهى بأسرها مهمة.
ثم بين أن اعلاها قدرا ، وأغلاها مهرا علم التفسير ، الباحث عما اراده الله سبحانه بكلامه المجيد ، الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
ثم قال بعد ذلك :
وأنى ـ ولله تعالى المنة ـ مذ ميطت عنى التمائم ، ونيطت على رأسى العمائم لم أزل متطلبا لاستكشاف سره المكتوم ، مترقبا لارتشاف رحيقه المختوم طالما فرقت نومى لجمع شوارده ، وفارقت قومى لوصال خرائده فلو رأيتنى وأنا أصافح بالجبين صفحات الكتاب من السهر ، واطالع ـ ان أعوز الشمع يوما ـ على نور القمر ، فى كثير من ليالى الشهر ، وامثالى إذ ذاك يرفلون فى مطارف اللهو ، ويرقلون فى ميادين الزهو ويؤثرون مسرات الاشباح على لذات الارواح ، ويهبون نفائس الاوقات لنهب خصائص الشهوات ، وأنا مع حداثة سنى ، وضيق عطنى ، لا تغرينى حالهم ولا تغرينى افعالهم ، كان لبنى لبانتى ، ووصال سعدى سعادتى حتى وقفت على كثير من حقائقه ، ووفقت لحل وفير من دقائقه ، وثقبت ـ والثناء لله تعالى ـ من دره بقلم فكرى درا مثمنا ، ولا بدع فأنا من فضل الله الشهاب وأبو الثناء وقبل أن يكمل سنى العشرين جعلت اصدح به واصدع ، وشرعت أدفع كثيرا من اشكالات الأشكال وادفع ، وأتجاهر بما الهمنيه ربى مما لم أظفر به فى كتاب من دقائق التفسير ، وأعلق على ما أغلق مما لم تعلق به ظفر كل ذى ذهن خطير ولست أنا أول من من الله تعالى عليه بذلك ، ولا آخر من سلك فى هاتيك المسالك فكم وكم للزمان ولد مثلى ، وكم تفضل الفرد عز شأنه على كثير بأضعاف مثلى :
ألا أنما الأيام أبناء واحد |
|
وهذى الليالى كلها أخوات |
ألا أن رياض الأعصار أعصار ، وحياض تيك الامصار اعتراها