« ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ) ».
فما كان الحفظ والتخليد بمجرد بقاء الفاظه وكلماته مكتوبة فى المصاحف مقروءة بالألسنة متعبدا بها فى المساجد والمحاريب ، وإنما الحفظ والخلود بهذه العظمة التى شغلت الناس وملأت الدنيا ، وكانت مثارا لأكبر حركة فكرية اجتماعية عرفها البشر.
ولم يقتصر الشيخ شلتوت على عرض الجهود ، وكشف مظاهر خدمة المسلمين للقرآن بل نبه إلى أشياء ينبغى تنزيه القرآن عنها ، فقال :
وإذا كان المسلمون قد تلقوا كتاب الله بهذه العناية ، واشتغلوا به على هذا النحو الذى افادت منه العلوم والفنون ، فان هناك مع الأسف الشديد ناحيتين كان من الخير أن يظل القرآن بعيدا عنهما ، احتفاظا بقدسيته وجلاله ، هاتان الناحيتان هما :
ناحية استخدام آيات القرآن لتأييد الفرق والخلافات المذهبية.
وناحية استنباط العلوم الكونية والمعارف النظرية الحديثة منه.
ويهمنا هنا تفصيل الناحية الثانية وتتمثل فيما يرى الشيخ شلتوت فى طائفة المثقفين الذين أخذوا يستندون إلى ثقافتهم الحديثة ويقيسون آيات القرآن على مقتضاها.
ومن الامثلة على ذلك أن يفسر بعض الناظرين فى القرآن الكريم قوله تعالى : ـ
( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ ، يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ ) ( الدخان : ١٠ ، ١١ )
بما ظهر فى هذا العصر من الغازات السامة والغازات الخانقة التى انتجها العقل البشرى فيما أنتج من وسائل التخريب والتدمير ، يفسرون الآية بهذا ويغفلون عن قوله تعالى :