والسمع الحقيقى اذن واعية فى القلب صاغية لنداء الرب ، والاذن الحسية بمنزلة السماعة التى توصل للقلب الخطاب.
ومن الآيات ما يخاطب الله بها أهل الكشف النورانى والذوق الروحانى بقوله : ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) ( الحجر : ٧٥ )
والمتوسم هو الذى يعرف العوالم بسيماهم ويكشف ما وراء استار المادة بالنور الالهى فى ضميره.
ومن لآيات ما يخاطب الله بها أهل اليقين بقوله :
إنّ فى ذلك لآيات لقوم يوقنون.
واليقين قوة الهية تكسب العبد رسوخا وثباتا وتكشف عنه الحجب.
ويخاطب الله المحسنين : والإحسان قوة فى القلب تجعل العبد يحسن ألفاظه وأعماله ونيته ، ويلاحظ أن الله معه بسمعه ويراه. قال تعالى :
( إِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) ( آخر أية فى سورة العنكبوت )
ويخاطب الله أولى الأبصار بقوله :
( إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ ).
والبصر ما يدرك ظواهر الكون ويوصلها الى حدقة عين القلب ، والبصيرة ما تدرك الأمور الخافية ولا يكمل العبد إلا إذا كان يتدبر فى الآيات الظاهرة ويتجول في الآيات الباطنة.
فإذا قال الله ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) فإنه يقول :يا أهل العقول اننى أتحدث معكم الآن فتدبروا واعتبروا ، وإذا قال :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) ( الروم : ٣٧ )
كأنه يقول : يا أهل الإيمان سلموا تسعدوا ، وإذا قال لقوم يتفكرون قال : يا أهل التفكير تجولوا فى الآثار فتغنموا ، فانزل كل آية فى رتبتها الخاصة وتناول دواءها الخاص حتى تعرف الأدوية الروحية القرآنية « والله أعلم » ا. ه.