أحدهما : أنه تفسير بالمأثور ، وذلك أن الزجاج يذكر الآية ، ثم يروى فيها ما أثر عن أسلافنا رضوان الله عليهم ، ولكنه لا يذكر ما روى فيها دون اختيار وانتقاء ، وإنما يختار الأحسن والأوفق الذى يتفق مع ما يراه يتمشى مع الأسلوب العربى السليم ومع الجو الإسلامى العام ، فتفسيره بالمأثور لم يكن مجرد جمع عن السابقين ، وإنما كان إيرادا على روية وتدبير وتفكير.
أما الأمر الثانى الذى برع فيه الزجاج فهو : التخريج النحوى للآيات الكريمة التى تحتاج إلى إيضاح نحوى ، ومن هنا كان الزجاج يروى رغبته فى استمتاع بادائها ..
والكتاب يطبع الآن لاول مرة فى طبعة محققة تحقيقا متقنا ، وذلك ما يقوم به الدكتور عبد الجليل شلبى من علماء الأزهر ، وقد أخرج منه جزءين كبيرين ، وسيخرج الباقى تباعا إن شاء الله وكان لهذا التفسير أثره الكبير فيمن أتى من المفسرين من بعد :
لقد تأثر به مثلا صاحب كتاب « الكشاف » « الذى كان معنيا بالنحو والبلاغة.
وكما ناقش الزجاج من كتبوا قبله من معانى القرآن ، أو كتبوا فى مجازه وبلاغته ، فإن تلميذ الزجاج الامام : أبو على الفارسى قد أخذ نفسه ـ مع إعجابه باستاذه ـ يتتبع كل ما أرى أن استاذه أخطأ فيه ، سواء كان الخطأ صريحا أو خلاف الأرجح.
ثم أخذ يعرضها مسألة مسألة ، ثم يعرض رأيه هو فيها محللا وناقدا لها.
وقد سمى كتابه اسما له مغزاه ، لقد سماه : « الاغفال » وكان مؤدبا فى التسمية مراعاة إلى استاذه ، أنه يريد أن يقول :
إن ما لاحظه مجرد إغفال من استاذه ، وقال فى أوائل هذا الكتاب « الاغفال » هذه الكلمات المهذبة :
هذه مسائل من كتاب أبى إسحاق فى اعراب القرآن ذكرناها لما اقتضت