مال القلب بذلك النور الى ذلك الشيء الذى تبين له : انقاد العبد وأسلم ومد عنفا إلى قبوله.
٣ ـ التوحيد : وانما صار الهدى التوحيد فى المكان الآخر ، لأنه إذا مال القلب إلى ذلك النور سكن عن التردد ، واطمأن إلى ربه فوحد.
٤ ـ الدين : وانما صار الهدى « الدين » فى مكان آخر ، لأنه إذا مال القلب إلى ذلك النور : دان الله ، أى : خضع ، والدين : هو الخضوع ، ومنه قيل للشيء المتضع : « دون ».
٥ ـ الدعاء : وإنما صار الهدى فى مكان آخر « الدعاء » لأنه إذا دعا إلى الله بقلب مستنير : مالت القلوب إلى ذلك النور ، لأن على ذلك الكلام نورا ، لأنه خرج من قلب مستنير.
٦ ـ بصيرة : وإنما صار الهدى « بصيرة » فى مكان آخر ، لأنه إذا دعا الداعى بقلب ذى نور : ولج الكلام مع النور فى الاسماع فاستنارت الصدور من المستمعين ، فابصرت عيون نفوسهم ، وهى بصائرها ، فتلك بصيرة النفس ، فان للفؤاد بصرا ، وللنفس بصيرة كلاهما بصيران فى الصدر ، لأن الصدر : ساحة القلب ، وساحة النفس ، وقد اشتركا فى هذه الساحة ، ومنه تصدر الأمور ، ولذلك سمى صدرا لأنه مصدر الأمور ، والأعمال منه تصعد إلى الاركان : ما دبر القلب ، وما دبرت النفس ، اتفقا ، أو اختلفا فتنازعا.فالاركان لأيهما غلب بجنوده ، فإذا كانت النفس ذات بصيرة : بايعت القلب فى الحق والصواب الذى هو كائن من القلب ، لأن فى القلب المعرفة :والعقل معها ، والحفظ معها ، والفهم معها ، والعلم معها ، فهؤلاء كلهم حزب واحد ، فاذا كانت النفس ذات بصيرة : تابعت القلب وجنوده ، واذا عميت : فانما تعمى لغلبة الشهوات ... ودخان الهدى ، نازعت القلب بجنودها ، فغالب ومغلوب ، وذلك قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
حدثنا بذلك عمر بن أبى عمر العبدى ، قال حدثنا محمد بن الوعيى ، قال حدثنى يعلى بن الاشدق الطائفي ، قال سمعت عمى عبد الله بن جراد