أما الأمر الثانى : فهو الوفاء الذى يقتضيه الصلاة على الصاحب والشكر وعدم التنكر له بعد انتقاله إلى ربه وعدم نكران الجميل.
المبدأ أو الوفاء.
وآثر القاضى : المبدأ.
ورفض الصلاة على الصاحب.
وهنا ثار الناس عليه ثورة عارمة ورموه ينكران الجميل ، وبعدم الوفاء ، ونقم عليه فخر الدولة وقبض عليه ، وعزله من منصبه وصادر امواله.
أكان القاضى على حق ، أكان مخطئا ذلك ما نتركه للقارئ.
ولقد طال عمر القاضى حتى ليقول ابن الأثير :
« وقد جاوز التسعين » ومات فى ذى القعدة سنة خمس عشرة وأربعمائة.
والكتاب الذى نتحدث عنه هو كتاب :
« متشابه القرآن » وعنوانه يدل على محتواه ، فهو تفسير للآيات المتشابهة.
والمتشابه يختلف الناس فى معناه ولكنهم مهما اختلفوا فإن القاضى عرض للآراء المختلفة فى المتشابه ، والمتشابه ـ فيما يرى ـ هو الذى على صفة تشتبه على السامع من حيث خرج ظاهره على أن يدل على المراد به لشىء يرجع إلى اللغة أو التعارف ، ويضرب القاضى مثالا لذلك :
بقول تعالى : ـ
( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ ) ( سورة الأحزاب الآية ٥٧ )
فإن هذه الكلمة القرآنية وما شاكلها ظاهرها محال على الله تعالى ، فالمراد مشتبهه ويحتاج فى معرفته إلى الرجوع إلى غيره من المحكم.