فتخضب هذه من هذا قال فصاح الهاروني وقطع كستيجه وهو يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأنك وصيه ينبغي أن
______________________________________________________
ويمكن الجواب بأن المراد بثلاثين سنة السنون القمرية وأن المدة المذكورة وإن كانت ناقصة عنها بحسب الحقيقة لكنها تامة بحسب العرف ، لأن عرف أهل الحساب يسقطون الأقل من النصف ويتممون الزائد عليه فكل حد بين تسعة وعشرين ونصف وبين ثلاثين ونصف من جملة مصداقاته العرفية ، فلا يكون شيء منها زائدا على ثلاثين سنة عرفية ولا ناقصا عنه أصلا ، وإنما يحكم بالزيادة والنقصان إذا كان خارجا عن الحدين وليس فليس ، فضميرا : لا يزيد ولا ينقص على ذلك إما راجعان إلى ثلاثين سنة أو إلى الوصي نظير قوله تعالى : « لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ » (١)
ويمكن أن يقال أن المراد عدم الزيادة والنقصان في قدر ما قدره الله من تلك المصداقات ، لكونه أمرا محتوما لا يجري فيه البداء والمحو والإثبات ، فيمكن أن يكون الضميران راجعين حينئذ إلى الله تعالى.
وبعبارة أخرى الثلاثون مبني على التخمين والتقريب كما عرفت ، وقوله : لا يزيد ، استئناف لبيان أن الموعد الذي وعده عليهالسلام لذلك لا يتخلف ، ويعلمه بحيث لا يزيد ولا ينقص يوما.
وقرأ بعض الفضلاء الفعلين بصيغة الخطاب من بناء المتعدي ، وقال : المقصود أنك رأيت ثلاثين سنة في كتاب هارون فتتوهم أنه لا كسر فيها وليس كذلك بل هو مبني على إتمام الكسر ، فإن ما بين الوفاتين تسع وعشرون سنة وستة أشهر وأحد عشر يوما ، ثم قال : ويحتمل كون الفعلين من الغائب المجرد وكون الضميرين لكتاب هارون لكن الأنسب حينئذ الماضي ، والأظهر أحد ما ذكرنا من الوجهين.
وفي القاموس الكستيج بالضم خيط غليظ يشده الذمي فوق ثيابه دون الزنار ، معرب كستي ، انتهى.
__________________
(١) سورة الأعراف : ٣٤.