حنة بذلك وهي أم مريم فلما حملت كان حملها بها عند نفسها غلام « فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى » أي لا يكون البنت رسولا يقول الله عز وجل : « وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ » فلما وهب الله تعالى لمريم عيسى كان هو
______________________________________________________
لقولي ونيتي « فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى ». الضمير لما في بطنها وتأنيثه لأنه كان أنثى ، وجاز انتصاب أنثى حالا عنه لأن تأنيثها علم منه ، فإن الحال وصاحبها بالذات واحدا ، وعلى تأويل مؤنث كالنفس. والجملة ، وإنما قالته تحسرا وتحزنا إلى ربها لأنها كانت ترجو أن تلد ذكرا ولذلك نذرت تحريرا« وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ » أي بالشيء الذي وضعت ، وهو استئناف من الله تعليما لموضعها وتجهيلا لها بشأنها ، وقرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم ويعقوب : وضعت ، على أنه من كلامها تسلية لنفسها ، أي ولعل لله فيه سرا أو الأنثى كان خيرا وقرأ وضعت على خطاب الله لها« وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى » بيان لقوله« وَاللهُ أَعْلَمُ » أي وليس الذكر الذي طلبت كالأنثى التي وهبت ، واللام فيهما للعهد ، ويجوز أن يكون من قولها بمعنى وليس الذكر والأنثى سيين فيما نذرت ، فيكون اللام للجنس ، انتهى.
وحاصل الحديث أنه قد يحمل المصالح العظيمة الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم على أن يتكلموا على وجه التوراة والمجاز ، وبالأمور البدائية على ما سطر في كتاب المحو والإثبات ، ثم يظهر للناس خلاف ما فهموه من الكلام الأول فيجب أن لا يحملوه على الكذب ، ويعلموا أن المراد منه كان غير ما فهموه كمعنى مجازي أو كان وقوعه مشروطا بشرط لم يذكروه.
ومن جملة تلك الأمور زمان قيام القائم وتعيينه من بين الأئمة عليهمالسلام ، لئلا ييأس الشيعة وينتظروا الفرج ويصبروا ويسلوا أنفسهم فيما يرد عليهم من خلفاء المخالفين وسلاطينهم ، فربما قالوا فلان القائم أي القائم بأمر الإمامة ، وفهمت الشيعة أنه القائم بالسيف ، أو أرادوا أنه إن أذن الله له في ذلك يقوم به ، أو إن عملت الشيعة بما يجب عليهم من الصبر وكتمان السر وطاعة الإمام يقوم به ، أو قال الصادق عليهالسلام مثلا ولدي