فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ
______________________________________________________
« فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ » فيتعلقون بظاهره أو بتأويل باطل « ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ » أي طلب أن يفتنوا الناس عن دينهم بالتشكيك والتلبيس ومناقضة المحكم بالمتشابه.
وفي مجمع البيان عن الصادق عليهالسلام أن الفتنة هنا الكفر « وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ » أي وطلب أن يأولوه على ما يشتهونه « وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ » الذي يجب أن يحمل عليه « إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ » الذين تثبتوا وتمكثوا فيه.
وأقول : قد مر الكلام منا في تأويل هذه الآية في كتاب الحجة في باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة عليهمالسلام قوله عليهالسلام : فالمنسوخات من المتشابهات كان هذا الكلام تمهيد لما سيأتي من اختلاف الإيمان المأمور به في مكة قبل الهجرة وفي المدينة بعدها واختلاف التكاليف فيهما كما وكيفا ، ردا على من استدل ببعض الآيات على أن الإيمان نفس الاعتقاد بالتوحيد والنبوة فقط بلا مدخلية للأعمال أو الولاية فيه ، بأن تلك الآيات أكثرها نزلت في مكة وكان الإيمان فيها نفس الاعتقاد بالشهادتين أو التكلم بهما ثم نسخ ذلك في المدينة بعد وجوب الواجبات وتحريم المحرمات ونصب الوالي والأمر بولايته.
ويحتمل أن لا يكون ذلك من قبيل النسخ ويكون ذكر النسخ لبيان عجزهم عن فهم معاني الآيات وخطائهم في الاستدلال بها
كما أنهم لا يعرفون الناسخ من المنسوخ ويستدلون بالآيات المنسوخة على الأحكام مع عدم علمهم بنسخها وعد المنسوخات التي لا يعلم بنسخها من المتشابهات فالمنسوخة أخص مطلقا من المتشابه.
ولما كان المحكم غير المتشابه والناسخ غير المنسوخ ونقيض الأخص أعم من نقيض الأعم غير الأسلوب في الفقرة الثانية فقال : والمحكمات من الناسخات للإشارة إلى ذلك وتسميته غير المنسوخ مطلقا ناسخا إما على التوسع وإطلاق لفظ الجزء على الكل أو لكونها ناسخة للشرائع السالفة أو للإباحة الأصلية التي كانوا متمسكين بها قبلها.
ويمكن حمل الناسخ على معناه وحمل الكلام على الغالب بأن يكون الناسخ