بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ » ثم أخذ الميثاق على النبيين فقال « أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ » وأن هذا محمد رسولي وأن هذا علي أمير المؤمنين « قالُوا بَلى » فثبتت لهم النبوة وأخذ الميثاق على أولي العزم أنني ربكم ومحمد رسولي وعلي أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعده ولاة أمري وخزان علمي عليهالسلام وأن المهدي أنتصر به لديني وأظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي وأعبد به طوعا وكرها قالوا أقررنا يا رب وشهدنا ولم يجحد آدم ولم يقر فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به وهو قوله عز وجل : « وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً » (١) قال إنما هو فترك ثم أمر نارا فأججت
______________________________________________________
المشهورة ، فيكون ذكر تتمة الآية استطرادا ، والأصوب هنا أن يقولوا بصيغة الغيبة موافقا لقراءة أبي عمرو في الآية.
قوله عليهالسلام : ثم أخذ ، لعل كلمة ثم هنا وفيما سيأتي للتراخي الرتبي لا الزماني ، لما بين الميثاقين من التفاوت ، وإلا فالظاهر تقدم أخذ الميثاق على النبيين على غيرهم ، وكذا أخذ الميثاق على أولي العزم وغيرهم لما سيأتي ، وأريد بأولى العزم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلىاللهعليهوآله ولا ينافي دخول الإقرار بنبوة نبينا صلىاللهعليهوآله فيما عهد إليهم دخوله صلىاللهعليهوآله في المعهود إليهم ، قيل : ولما كانوا معهودين معلومين جاز أن يشار إليهم بهؤلاء الخمسة مع عدم ذكرهم مفصلا ، وإنما زاد في أخذ الميثاق على من زاد في رتبته وشرفه لأن التكليف إنما يكون بقدر الفهم والاستعداد ، فكلما زاد زاد ، وإنما يعرف مراتب الوجود من له حظ منها وبقدر حظه منها ، وأما آدم فلما لم يعزم على الإقرار بالمهدي لم يعد من أولي العزم ، وإن عزم على الإقرار بغيره من الأوصياء.
« إنما هو فترك » يعني معنى فنسي هيهنا ليس إلا فترك ، ولعل السر في عدم عزم آدم على الإقرار بالمهدي استبعاده أن يكون لهذا النوع الإنساني اتفاق على أمر
__________________
(١) سورة طه : ١١٥.