المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه ولكن أتاه من ربه فأخذه إن المؤمن يرى يقينه في عمله والكافر يرى إنكاره في عمله فو الذي نفسي بيده ما عرفوا أمرهم فاعتبروا إنكار
______________________________________________________
وإيصاله إلى غيره ، فيدل على أن التعليم ينبغي أن يكون بعد العمل وأنه من لوازم الإيمان ، فظهر أن الحمل في بعضها حقيقي وفي بعضها مجازي.
وقيل : أشار عليهالسلام إلى أن الإسلام وهو دين الله الذي أشار إليه جل شأنه بقوله : « إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ » (١) يتوقف حصوله على ستة أمور ، والعبارة لا تخلو من لطف وهو أنه جعل التصديق الذي هو الإيمان الخالص الحقيقي بين ثلاثة وثلاثة ، واشتراك الثلاثة التي قبله في أنها من مقتضياته وأسباب حصوله ، واشتراك الثلاثة التي بعده في أنها من لوازمه وآثاره وثمراته ، وبالجملة جعل التصديق الذي هو الإيمان وسطا وجعل أول مراتبه الإسلام ثم التسليم ثم اليقين ، وجعل أول مراتبه من جهة المسببات الإقرار بما يجب الإقرار به ، ثم العمل بالجوارح ، ثم أداء ما افترض الله به ، انتهى.
« إن المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه » كأنه بيان لما بين سابقا وقرره من أن الإسلام لا يكون إلا بالتسليم لأئمة الهدى والانقياد لهم فيما أمروا به ونهوا عنه وأنه لا يكون ذلك إلا بتصديق النبي والأئمة عليهمالسلام والإقرار بما صدر عنهم وأداء الأعمال على نهج ما بينوه لأن الإيمان ليس أمرا يمكن اختراعه بالرأي والنظر ، بل لا بد من الأخذ عمن يؤدى عن الله.
« فالمؤمن يرى » على بناء المجهول أو المعلوم من باب الأفعال « يقينه » بالرفع أو بالنصب « في عمله » بأن يكون موافقا لما صدر عنهم ولم يكن مأخوذا من الآراء والمقاييس الباطلة ، والكافر بعكس ذلك « ما عرفوا » أي المخالفون أو المنافقون « أمرهم » أي أمور دينهم فروعا وأصولا فضلوا وأضلوا لعدم اتباعهم أئمة
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٩.