تجلله وعذرا لمن انتحله وعروة لمن اعتصم به وحبلا لمن استمسك به وبرهانا لمن
______________________________________________________
الصلح ، ويطلق على المسالم أيضا وبالتحريك الاستسلام إذ من دخله يؤمن من المحاربة والقتل والأسر « لمن تجلله » كأنه على الحذف والإيصال أي تجلل به أو علاه الإسلام وظهر عليه ، أو أخذ جلاله وعمدته ، قال الجوهري : تجليل الفرس أن تلبسه الجلل وتجلله أي علاه وتجلله أي أخذ جلاله ، انتهى.
وربما يقرأ بالحاء المهملة ويفسر بأن جعله حلة على نفسه ، ولا يخفى ما فيه ، وفي المجالس والتحف لمن تحلى به وهو أظهر.
« وعذرا لمن انتحله » الانتحال أخذه نحلة ودينا ويطلق غالبا على ادعاء أمر لم يتصف به ، فعلى الثاني المراد أنه عذر ظاهرا في الدنيا ويجري عليه أحكام المسلمين وإن لم ينفعه في الآخرة ، وفي التحف : ودينا لمن انتحله ، والعروة من الدلو والكوز المقبض ، وكل ما يتمسك به شبه الإسلام تارة بالعروة التي في الحبل يتمسك بها في الارتقاء إلى مدارج الكمال والنجاة من مهاوي الحيرة والضلال كما قال تعالى : « فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها » (١) وتارة بالحبل المتين يصعد بالتمسك به إلى درجات المقربين والحبل يطلق على الرسن وعلى العهد وعلى الذمة وعلى الأمان والكل مناسب ، وقيل : شبهه بالعروة لأن من أخذ بعروة الشيء كالكوز مثلا ملك كله ، وكذلك من تمسك بالإسلام استولى على جمع الخيرات ، وفي المجالس والتحف « وعصمة لمن اعتصم به وبرهان لمن تكلم به » البرهان الحجة والدليل أي الإسلام إذا أحاط الإنسان بأصوله وفروعه يحصل معه براهين ساطعة على من أنكرها إذ لا تحصل الإحاطة التامة إلا بالعلم بالكتاب والسنة وفيهما برهان كل شيء ، وفي النهج قبل هذه الفقرة قوله : وسلما لمن دخله ، وليست فيه الفقرات المتوسطة وقوله : شاهدا « إلخ » قبل قوله : ونورا لمن استضاء به ، شبهه بالنور للاهتداء به إلى طريق النجاة ، ورشحه بذكر الاستضائة.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٥٦.