من اليقين وإنما تمسكتم بأدنى الإسلام فإياكم أن ينفلت من أيديكم.
٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس قال سألت أبا الحسن الرضا عليهالسلام عن الإيمان والإسلام فقال قال أبو جعفر عليهالسلام إنما هو الإسلام والإيمان فوقه بدرجة والتقوى فوق الإيمان بدرجة واليقين فوق التقوى بدرجة ولم يقسم بين الناس شيء أقل من اليقين قال قلت فأي شيء اليقين قال التوكل
______________________________________________________
« أن ينفلت من أيديكم » أي يخرج من قلوبكم فجأة فيدل على أن من لم يكن في درجة كاملة من الإيمان فهو على خطر من زواله فلا يغتر من لم يتق المعاصي بحصول العقائد له ، فإنه يمكن زواله عنه بحيث لم يعلم ، فإن الأعمال الصالحة والأخلاق الحسنة حصون للإيمان تحفظه من سراق شياطين الإنس والجان ، قال الجوهري : يقال كان ذلك الأمر فلتة أي فجأة إذا لم يكن عن تدبر ولا تردد ، وأفلت الشيء وتفلت بمعنى ، وأفلته غيره.
الحديث الخامس : صحيح.
« إنما هو الإسلام » كان الضمير راجع إلى الدين لقوله تعالى : « إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ » (١) أو ليس أول الدخول في الدين إلا درجة الإسلام.
قوله عليهالسلام : التوكل على الله ، تفسير اليقين بما ذكر من باب تعريف الشيء بلوازمه وآثاره ، فإنه إذا حصل اليقين في النفس بالله سبحانه ووحدانيته وعلمه وقدرته وحكمته وتقديره للأشياء وتدبيره فيها ورأفته بالعباد ورحمته ، يلزم التوكل عليه في أموره والاعتماد عليه والوثوق به ، وإن توسل بالأسباب تعبدا والتسليم له في جميع أحكامه ، ولخلفائه فيما يصدر عنهم ، والرضا بكل ما يقضي عليه على حسب المصالح من النعمة والبلاء والفقر والغناء ، والعز والذل وغيرها ، وتفويض الأمر إليه في دفع شر الأعادي الظاهرة والباطنة ، أورد الأمر بالكلية إليه في جميع الأمور بحيث يرى قدرته مضمحلة في جنب قدرته ، وإرادته معدومة
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٩.