.................................................................................................
______________________________________________________
والمراد بالعلم الدين أعني معرفة الله سبحانه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر قال الله عز وجل : « آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ » (١) وقال تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً » (٢) ومرجع الإيمان إلى العلم ، وذلك لأن الإيمان هو التصديق بالشيء على ما هو عليه ، ولا محالة هو مستلزم لتصور ذلك الشيء كذلك بحسب الطاقة ، وهما معنى العلم ، والكفر ما يقابله وهو بمعنى الستر والغطاء ، ومرجعه إلى الجهل ، وقد خص الإيمان في الشرع بالتصديق بهذه الخمسة ولو إجمالا ، فالعلم بها لا بد منه ، وإليه الإشارة بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ، ولكن لكل إنسان بحسب طاقته ووسعه ، « لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها » ، فإن العلم والإيمان درجات مترتبة في القوة والضعف والزيادة والنقصان ، بعضها فوق بعض ، كما دلت عليه الأخبار الكثيرة.
وذلك لأن الإيمان إنما يكون بقدر العلم الذي به حياة القلب وهو نور يحصل في القلب بسبب ارتفاع الحجاب بينه وبين الله جل جلاله. « اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها » وليس العلم بكثرة التعلم إنما هو نور يقذفه الله في قلب من يريد أن يهديه ، وهذا النور قابل للقوة والضعف والاشتداد والنقص كسائر الأنوار. « وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً » كلما ارتفع حجاب ازداد نور فيقوى الإيمان
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٨٥.
(٢) سورة النساء : ١٣٦.