قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول إن رسول الله صلىاللهعليهوآله صلى بالناس الصبح فنظر إلى شاب في المسجد وهو يخفق ويهوي برأسه مصفرا لونه قد نحف جسمه وغارت عيناه في رأسه فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله كيف أصبحت يا فلان قال أصبحت يا رسول الله موقنا فعجب رسول الله صلىاللهعليهوآله من قوله وقال إن لكل يقين حقيقة فما حقيقة يقينك فقال إن يقيني يا رسول الله هو الذي أحزنني وأسهر ليلي وأظمأ
______________________________________________________
« فنظر إلى شاب » كأنه الحارثة الآتي في الخبر الثاني « وهو يخفق ويهوي برأسه » للنعاس بكثرة العبادة في الليل في القاموس : خفقت الراية ينخفق وتخفق وخفقا وخفقانا محركة اضطربت وتحركت ، وفلان حرك رأسه إذا نعس كأخفق وقال : هوى هويا سقط من علو إلى سفل ، انتهى.
فقوله : ويهوي برأسه كالتفسير لقوله : يخفق ، أو مبالغة في الخفق إذ يكفي فيه الحركة القليلة ونحف كتعب وقرب نحافة : هزل « كيف أصبحت » أي على أي حال دخلت في الصباح ، أو كيف صرت « فعجب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » كتعب أي تعجب منه لندرة مثل ذلك ، أو أعجبه وسر به قال الراغب : العجب والتعجب حالة تعرض للإنسان عند الجهل بسبب الشيء ولهذا قال بعض الحكماء : العجب ما لا يعرف سببه ولهذا قيل : لا يصح على الله التعجب إذ هو علام الغيوب ، ويقال : لما لا يعهد مثله عجب ، قال تعالى : « أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا » (١) « كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً » (٢) « إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً » (٣) أي لم نعهد مثله ولم نعرف سببه ، ويستعار تارة للمؤنق فيقال أعجبني كذا أي راقني ، وقال تعالى : « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ » (٤).
« إن لكل يقين » أي فرد من أفراده أو صنف من أصنافه « حقيقة فما حقيقة يقينك » من أي نوع أو صنف ، أو لكل يقين علامة تدل عليه فما علامة يقينك كما مر « هو الذي أحزنني » أي في أمر الآخرة « وأسهر ليلي » لحزن الآخرة أو
__________________
(١) سوره يونس : ٢.
(٢) سورة الكهف : ٩.
(٣) سورة الجن : ١.
(٤) سورة البقرة : ٢٠٤.