الله عز وجل بينهم وبين شيعتهم وقال طينة الناصب مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ وأما المستضعفون فمِنْ تُرابٍ ، لا يتحول مؤمن عن إيمانه ولا ناصب عن نصبه ولله المشيئة فيهم.
______________________________________________________
أقول : ويمكن أن يكون على هذا التأويل للآية الكريمة المراد باللزوب لصوقهم بالأئمة عليهالسلام وملازمتهم لهم ، فقوله : كذلك لا يفرق الله ، إلخ. وفي بعض النسخ لذلك ، أي للزوبهم ولصوقهم بأئمتهم ولصوق طينتهم بطينتهم ، لا يفرق الله بينهم وبينهم.
أو لكونهم من فرع تلك الطينة لا يفرق الله بينهما في الدنيا والآخرة ، لأن الفرع ملحق بالأصل وتابع له.
قوله عليهالسلام : من حمأ مسنون ، إشارة إلى قوله تعالى : « وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ » (١) والصلصال الطين اليابس تسمع له عند النقر صلصلة أي صوت ، وقيل : طين صلب يخالطه الكثيب ، وقيل : منتن ، والحمأ : الطين الأسود ، والمسنون المتغير المنتن ، وقيل : أي مصبوب كأنه أفرغ حتى صار صورة كما يصب الذهب والفضة ، وقيل : أنه الرطب ، وقيل : مصور عن سيبويه ، قال : أخذ منه سنة الوجه ، والحمأ المسنون : طين سجين.
قوله : فمن تراب ، أي خلقوا من تراب غير ممزوج بماء عذب زلال كما مزجت به طينة الأنبياء والمؤمنين ، ولا بماء آسن أجاج كما مزجت به طينة الكافرين ، فلا يكونون من هؤلاء ولا من هؤلاء ، ولعل هذا وجه جمع بين الآيات الكريمة ، فإن ما دل على أنه خلق من حمأ مسنون فهو في الناصب ، وما دل على أنه خلق من طين لازب فهو في الشيعة ، وما دل على أنه خلق من تراب فهو في المستضعفين ، فيحتمل حينئذ أن يكون المراد إدخال تلك الطينات جميعا في بدن آدم لتحصيل قابلية جميع تلك الأمور والأقسام في أولاده وأن يكون المراد خلق كل صنف من تلك الطينة بإدخال ذلك الطين في النطفة أو بحصول تلك النطفة من هذه الطينة.
والأوسط أظهر لما رواه الشيخ في مجالسه بإسناده عن عبيد بن يحيى عن يحيى
__________________
(١) سورة الحجر : ٢٦.