اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى » (١) قال هي الإيمان بالله وحده لا شريك له.
______________________________________________________
ظهور الصبغ على المصبوغ ، وتداخل في قلوبهم تداخل الصبغ الثوب أو للمشاكلة فإن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه العمودية ، ويقولون هو تطهير لهم وبه تحق نصرانيتهم ، ونصبها على أنه مصدر مؤكد لقوله آمنا وقيل : على الإغراء ، أي عليكم صبغة الله ، وقيل : على البدل من ملة إبراهيم ، « وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً » لا صبغة أحسن من صبغته « وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ » تعريض بهم أي لا نشرك به كشرككم ، انتهى.
وقيل : على هذه الأخبار يحتمل أن تكون منصوبة على المصدر من مسلمون ، ثم يحتمل أن يكون معناها وموردها مختصا بالخواص والخلص المخاطبين بقولوا دون سائر أفراد بني آدم ، بل يتعين هذا المعنى إن فسر الإسلام بالخضوع والانقياد للأوامر والنواهي كما فعلوه ، وإن فسر بالمعنى العرفي فتوجيه التعميم فيه كتوجيه التعميم في فطرة الله.
وقيل « صِبْغَةَ اللهِ » إبداع الممكنات وإخراجها من العدم إلى الوجود وإعطاء كل ما يليق به من الصفات والغايات وغيرهما.
قوله « فَقَدِ اسْتَمْسَكَ » ، قال تعالى « فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها » وفسر الطاغوت في الأخبار بالشيطان وبأئمة الضلال ، والأولى التعميم ليشمل كل ما عبد من دون الله من صنم أو صاد عن سبيل الله « وَيُؤْمِنْ بِاللهِ » بالتوحيد وتصديق الرسل وأوصيائهم « فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى » أي طلب الإمساك من نفسه بالحبل الوثيق ، وهي مستعار ملتمسك الحق من النظر الصحيح والدين القويم « لَا انْفِصامَ لَها » أي لا انقطاع لها.
وما ورد في الخبر من تفسيره بالإيمان كان المراد به أنه تعالى شبه الإيمان الكامل بالعروة الوثقى ، وعلى ما ورد في كثير من الأخبار من أن المراد بالطاغوت
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٥٦.