مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ » وخلق عدونا من سجين وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه وأبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوي إليهم لأنها خلقت مما خلقوا منه ثم تلا هذه الآية : « كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ » (١).
______________________________________________________
عز وجل : « وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً » (٢) فيقال له : « لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ » (٣) « هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ » (٤) " فمن كان من أهل السعادة وأصحاب اليمين وكانت معلوماته أمورا قدسية وأخلاقه زكية وأعماله صالحة فقد أوتي كتابه بيمينه أعني من الجانب الأقوى الروحاني ، وهو جهة عليين وذلك لأن كتابه من جنس الألواح العالية والصحف المكرمة المرفوعة المطهرة بأيدي سفرة كرام بررة يشهده المقربون ، ومن كان من الأشقياء المردودين وكانت معلوماته مقصورة على الجرميات وأخلاقه سيئة وأعماله خبيثة فقد أوتي كتابه بشماله أعني من جانبه الأضعف الجسماني وهو جهة سجين ، وذلك لأن كتابه من جنس الأوراق السفلية والصحائف الحسية القابلة للاحتراق فلا جرم يعذب بالنار وإنما عود الأرواح إلى ما خلقت منه كما قال سبحانه : « كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ » (٥) « كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ » (٦) فما خلق من عليين فكتابه في عليين ، وما خلق من سجين فكتابه في سجين.
__________________
(١) سورة المطففين ٧ ـ ١٠.
(٢) سورة الإسراء : ١٣.
(٣) سورة ق : ٢٢.
(٤) سورة الجاثية : ٢٩.
(٥) سورة الأعراف : ٢٩.
(٦) سورة الأنبياء : ١٠٤.