.................................................................................................
______________________________________________________
قوله تعالى « ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً » (١) وجزم في أوائل سورة الفاتحة بأنه لو قال : أصلي لثواب الله أو الهرب من عقابه فسدت صلاته ، ومن قال بأن ذلك القصد غير مفسد للعبادة منع خروجها به عن درجة الإخلاص ، وقال : إن إرادة الفوز بثواب الله والسلامة من سخطه ليس أمرا مخالفا لإرادة وجه الله سبحانه ، وقد قال تعالى في مقام مدح أصفيائه : « كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً » (٢) أي للرغبة في الثواب والرهبة من العقاب ، وقال سبحانه : « وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً » (٣) وقال تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » (٤) أي حال كونكم راجين للفلاح ، أو لكي تفلحوا ، والفلاح هو الفوز بالثواب ، نص عليه الشيخ أبو علي الطبرسي.
هذا ما وصل إلينا من كلام هؤلاء ، وللمناقشة فيه مجال ، أما قولهم أن تلك الإرادة ليست مخالفة لإرادة وجه الله تعالى فكلام ظاهري قشري إذ البون البعيد بين إطاعة المحبوب والانقياد إليه لمحض حبه وتحصيل رضاه وبين إطاعته لأغراض أخر أظهر من الشمس في رائعة النهار ، والثانية ساقطة بالكلية عن درجة الاعتبار عند أولي الأبصار ، وأما الاعتضاد بالآيتين الأوليين ، ففيه : أن كثيرا من المفسرين ذكروا أن المعنى راغبين في الإجابة ، راهبين من الرد والخيبة ، وأما الآية الثالثة فقد ذكر الطبرسي في مجمع البيان أن معنى « لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » لكي تسعدوا. ولا ريب أن تحصيل رضاه سبحانه هو السعادة العظمى ، وفسر (ره) الفلاح في قوله تعالى : « أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » بالنجاح والفوز ، وقال شيخ الطائفة في التبيان : المفلحون هم المنجحون
__________________
(١) سورة الأعراف : ٥٥.
(٢) سورة الأنبياء : ٩٠.
(٣) سورة الأعراف : ٥٦.
(٤) سورة الحجّ : ٧٧.