وإن النية هي العمل ثم تلا قوله عز وجل : « قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ » (١) يعني على نيته
______________________________________________________
والقواعد ، وولده فخر المحققين في الشرح ، وشيخنا الشهيد في البيان لفوت الإخلاص وهو الأصح ، واحتمل شيخنا الشهيد في قواعده التفصيل بأن القربة إن كانت هي المقصود بالذات والضميمة مقصودة تبعا صحت العبادة وإن انعكس الأمر أو تساويا بطلت.
هذا ، واعلم أن الضميمة إن كانت راجحة ولاحظ القاصد رجحانها وجوبا أو ندبا كالحمية في الصوم لوجوب حفظ البدن ، والإعلام بالدخول في الصلاة للتعاون على البر فينبغي أن لا تكون مضرة إذ هي حينئذ مؤكدة ، وإنما الكلام في الضمائم غير الملحوظة الرجحان ، فصوم من ضم قصد الحمية مطلقا صحيح مستحبا كان الصوم أو واجبا ، معينا كان الواجب أو غير معين ، ولكن في النفس من صحة غير المعين شيء ، وعدمها محتمل ، والله أعلم.
قوله عليهالسلام : والنية أفضل من العمل ، أي النية الخالصة أو إخلاص النية أفضل من العمل ، والنية تطلق على إرادة إيقاع الفعل وعلى الغرض الباعث على الفعل وعلى العزم على الفعل والأولتان مقارنتان للفعل دون الثالثة ، والأولى لا تنفك فعل الفاعل المختار عنها ، والثانية الإخلاص فيها من أشق الأمور وأصعبها وبه تتفاضل عبادات المكلفين وهي روح العبادة وبدونها لا تصح ، وكلما كانت أخلص عن الشوائب والأغراض الفاسدة كان العمل أكمل ، ولذا ورد أن نية المؤمن خير من عمله ، ولا ينافي قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل الأعمال أحمزها ، إذ تصحيح النية أصعب من تصحيح العمل بمراتب شتى إذ ليس المراد بالنية ما يتكلم به الإنسان عند الفعل ، أو يتصوره ويخطره بباله ، بل هو الباعث الأصلي والغرض الواقعي الداعي للإنسان على الفعل وهو تابع للحالة التي عليها الإنسان ، والطريقة التي يسلكها ، فمن غلب عليه حب الدنيا وشهواتها لا يمكنه قصد القربة وإخلاص النية عن دواعيها فإن نفسه متوجهة إلى الدنيا وهمته مقصورة عليها ، فما لم يقلع عن قلبه عروق حب الدنيا ولم يستقر فيه
__________________
(١) سورة الإسراء : ٨٤.