فحملقت في وجهه متعجّباً ، لكنّي تداركت ذلك وأشرت له أن يواصل حديثه.
فقال : لا تعجب ، فإنّ الدين الذي تتحدّث عنه أصبح موضوعاً اعتباريّاً.
زاد تعجّبي ، واشتدّت دهشتي ، ثمّ واصل حديثه قائلاً : أيّ دين تحثّني على التمسّك به ؟
هل الدين الأشعري أم الماتريدي ؟ أم المعتزلي ؟ أم الشيعي ؟ أم أم.
قائمة طويلة من فرق متعدّدة ، وكلّها تدّعي الإسلام.
بالله عليك هل الله سبحانه يرضى بهذه الاختلافات ؟ ألم يرسل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ليبيّن للأمّة أمور دينها ؟ أي أنّ الدين واحد فمن أين أتت كلّ هذه الفرق ؟ وهل يعقل أن ننسب جميعها إلى الصواب ؟!
للأسف أقول عن نفسي : إنّي مسلم !
وأخرج لي بطاقته الشخصيّة ، وقال : انظر ما كتب مقابل الديانة ( مسلم ) وهكذا الكلّ ، من منّا يعرف دينه ؟! يا صديقي الكلّ تائه في فلاة ليس لها بداية أو نهاية ، الكلّ يريد النجاة من هذه الفلاة ، الكلّ يفكّر ، يخطّط ، يتوهّم طريقاً يظنّه كذلك ، بل يتيقّن أنّه ذلك ، بل وإنّ غيره لن يوصل إلى النجاة مطلقاً ، توهّم طريقاً ، بل وحصر النجاة في السير عليه ، هذا هو حالنا يا صديقي ، فرق متعدّدة ، ومذاهب شتّى ، وأفكار متقابلة ، اختلاف مطلق أو كاد .. وبعد كلّ ذلك تقول لي تمسّك بالدين !!