والمستفاد منها أنّ ثمّة خلقاً من البشر على امتداد خطّ البشريّة وحيثما كانوا مهمّتهم هداية الخلق ، وبسط العدل فيهم ، والفعل المضارع ( يَهْدُونَ ) شاهد على ذلك ، وللتدليل علىٰ هذا المعنى قال تعالى ( لَيْسُوا سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ) (١).
( وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) (٢) ( مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ) (٣) وغيرها من الدلائل والإشارات كقوله تعالى ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) (٤) ( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ ) (٥). فكلّها دلائل على عدم خلوّ الأمم على طول خطّ وجودها من منذر أو هاد.
وهذه الأمّة التي تهدي الناس إلى الحق ، وتبسط فيهم العدل إنّما يهدون بأمر من قبل الله. سبحانه وتعالى ، ولذا قال سبحانه ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) (٦) فجعل
_____________________
(١) سورة آل عمران : ١١٣ ، ١١٤ ، ١١٥.
(٢) سورة الاعراف : ١٥٩.
(٣) سورة المائدة : ٦٦.
(٤) سورة الرعد : ٧.
(٥) سورة البقرة : ١٢٨.
(٦) سورة السجدة : ٢٤.