وثديها وعاء قد شربته » ؟! قال : قلت : بلى ، قال : « فلا تغلظ لها » (١). وكان لهذه الكلمات فعل السحر على الابن فسارع للاعتذار من أمه.
والذي يؤسف له ، أنّ الكثيرين من شباب اليوم ـ بسبب التربية الخاطئة ، أو البيئة المنحرفة ، أو الثقافة الوافدة ـ يكيلون السّباب واللعان للوالدين ، على أتفه الأسباب ، ويصبّون جام غضبهم عليهم ، عندما يُسْدِيان لهم النصيحة المخلصة ، مما يترك أثراً سيئاً على نفسيهما ، فيصابان بخيبة أمل مريرة.
هذا في الوقت الذي يدعو الأئمة عليهمالسلام إلى مخاطبة الوالدين بعبارات عذبة ، ومهذبة ، تحمل معاني التقدير والشعور بالعرفان وعدم رفع الصوت على الوالدين .. عن الحكم قال : قلت لأبي عبدالله عليهالسلام : إنّ والدي تصدّق عليَّ بدار ، ثمّ بدا له أن يرجع فيها، وان قضاتنا يقضون لي بها ، فقال عليهالسلام : « نعم ما قضت به قضاتكم ، وبئس ما صنع والدك ، انما الصدقة لله عزّ وجل فما جعل لله عزّ وجل فلا رجعة له فيه ، فان أنت خاصمته فلا ترفع عليه صوتك ، وإن رفع صوته فاخفض أنت صوتك » (٢).
ونخلص في نهاية هذا المطلب إلى القول بان حقوق الوالدين جسيمة ، فقد قرن القرآن حقهما مع حقه تعالى في مستوى واحد مع اختلاف في الرّتبة ، فله عزّ وجلّ حقّ العبادة ولهم حقّ الإحسان.
ومنح القرآن الكريم الأم حقاً أكبر ، لما تُقدِّمه من تضحيات أكثر. وقد
__________________
(١) بحار الانوار ٧٤ : ٧٦.
(٢) وسائل الشيعة ١٩ : ٢٠٤ / ١ باب ١١ من كتاب الوقوف والصدقات.