لا يحبّذ النوع الأوّل من الجهاد ولا يبادر إليه إلاّ إذا اضطرّ إلى ذلك ولم يبق سبيل للهداية أو دفع شرّ العدوّ سواه ، وهو حينئذٍ لا يلجأ إلى الحرب والقتال إلاّ مع المعاند الذي نصب العداء رغم إتمام الحجّة البرهان عليه ، ولا يرضخ للحقّ ، أو يحول دون بلوغ الحقّ إلى الناس ؛ إذ الإسلام دين العقل والفطرة يبتني على الفضيلة ، ويهدف إلى تطهير الأرض من الجاهلية والشرك والظلم والرذيلة بجميع ألوانها وأشكالها ، وما كانت هذه غايته لا يحتاج إلى القتل والقتال ، بل يهدف إلى قطع دابر هذه الحروب ، بالإضافة إلى كونه غنيّاً بالحجج والبراهين والأدلّة العقليّة الكفيلة بترسيخ دعائمه وإقناع الخصوم والمخالفين ، وحينئذٍ لا يبقى مع المعاند المحارب المكابر سوى استعمال القوّة الماديّة التي لا تنفع مع أهل المادّة سواها على طريقة المقولة الشهيرة : « آخر العلاج الكيّ » ، وكلّ من ادّعى خلاف ذلك فهو امّا جاهل غافل فيجب تعليمه وتوضيح الحقيقة له ، وإمّا معاند فليُلَقّمْ حجراً ولْيُحثَى في وجهه التراب.
والحمد لله ربّ العالمين