عن المنكر ، ذلك أنّ الإنسان طبع على النسيان واتّباع الهوى والشهوات ، وهي تصدّه عن العمل بالقانون ، فلا جرم من ردعه ونهيه عن المنكر إن أتى به ، أو أمره بالمعروف إن تركه وأعرض عنه ، بالنصح والتذكير إن نفعا ، وبالتهديد والتخويف إن لم ينفعا ، وأخيراً بقوّة القانون الذي خالفه واعتدى عليه ، وإلاّ بقي القانون حبراً على ورق.
٩ و ١٠ ـ التولّي لأولياء الله تعالى ، والتبرّي من أعدائهم ، وهما الجناحان اللذان يطير بهما المؤمن ؛ إذ المؤمن في عروج دائم ، يهوى الصعود والطيران نحو الكمال ، وكلّ ما يأتي به من فرائض أو نوافل إنّما يريد بها نيل العُلى والمعالي ، لكنّها جميعاً لا تفي إلاّ بوجود الجناحين وهما التولّي والتبرّي في الشريعة ؛ إذ لا يقبل عمل إلاّ بهما ، فلا عروج إلاّ بهما ، ولهذا قال تعالى : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) (١) ، وقدّم هنا التولّي لئلاّ يظنّ بعض السُّذَّج من الناس أن لا داعي ولا حاجة إلى التبرّي ، وإنّما المهمّ هو التولّي كما يزعم
__________________
(١) سورة الفتح : ٢٩.